الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف من صلاته

السؤال

ما حكم خروج الفرد بعد صلاة التراويح كاملة ولكن قبل خروج الإمام هل يفوته ثواب قيام الليل كله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا بأس في خروج المصلي من المسجد قبل خروج الإمام، وقد حصّل الثواب الموعود كاملاً إذا كان قد صلى جميع الصلاة مع الإمام، وقول النبي صلي الله عليه وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة. رواه أبو داود والترمذي والنسائي. ليس المقصود منه أن ينصرف الإمام من المسجد، بل المقصود بقوله حتى ينصرف أي من صلاته، فإنه لا معنى للمكث في المسجد دون مصلحةٍ شرعية من أجل انتظار الإمام حتى يخرج، ولا تعلق للثواب بهذا البتة، وأيضاً فإن من الأئمة من يقيمون في المساجد، أو يطيلون المكث فيها جداً بعد الصلاة للنظر في مصالح الناس وإفتائهم، فهل يُقال إنه يتعين على المصلين حتى يحصّلوا ثواب القيام أن ينتظروه حتى يخرج من المسجد؟ ، لا نظن أحداً يقول بهذا، وأيضاً فإن عمل المسلمين عبر العصور مستمرٌ على هذا وهو أن المصلين ينصرفون من المساجد فور انقضاء الصلاة دون أن ينتظروا خروج الإمام، فلو كان معنى الحديث أنه لا يحصلُ لهم ثواب قيام الليلة كاملةً إلا إذا انصرفوا بعد انصراف الإمام من المسجد للزم منه أن المسلمين عبر العصور قد حُرموا هذا الثواب وأن علماءهم عبر العصور قد خفيت عليهم هذه السنة فلم ينبهوهم عليها، وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا القول للصحابة حين طلبوا منه الزيادة في الصلاة، فدل على أن الانصراف المذكور في الحديث هو الانصرافُ من الصلاة، وأيضاً فإن العلماء عبر العصور لم يزالوا يستدلون بهذا الحديث على استحباب القيام مع الإمام حتى تنقضي الصلاة.

ففي مسائل الإمام أحمد لأبي داود قال: سمعت أحمد قيل له: يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده؟ قال يصلي مع الناس، وسمعته أيضاً يقول: يعجبني أن يصلي مع الإمام ويوتر معه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب الله له بقية ليلته. انتهى.

وقال العلامة العثيمين في أثناء رده على من لا يصلون مع الإمام إذا كان يزيدُ على إحدى عشرة ركعة مستدلاً بمخالفتهم لهذا الحديث: الوجه الأول :- قول النبي صلى الله عليه وسلم في قيام رمضان. إن من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة. ومن جلس ينتظر حتى يصلي الإمام إلى الوتر ثم أوتر معه. فإنه لم يصل مع الإمام حتى ينصرف لأنه ترك جزءاً من صلاته. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني