الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك الزوج صلة أهل زوجته

السؤال

لا أصل أهل زوجتي رغم أنهم لم يسيئوا إلي غير أني أشعر بالضيق عند زيارتهم لاختلاف في العادات علما أني أجعل زوجتي تصلهم ولا أحرمها من أي زيارة لهم فما الحكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحق الواجب بين الزوج وأهل زوجته هو حق الإسلام، وكفى به حقا, ويزاد على ذلك ما لهم من حق زائد بسبب المصاهرة, فقد جاء في السنة ما يدل على إكرام الأصهار وتبجيلهم, وقد أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم الأخلاق الحميدة تجاه أصهاره، ومن ذلك وصيته صلى الله عليه وسلم بالإحسان إلى أهل مصر بقوله: إنكم ستفتحون مصر.، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحماً، أو قال: ذمة وصهراً. رواه مسلم. فتعليله صلى الله عليه وسلم للأمر بإكرام أهل مصر بأن لهم صهراً يدل على أن المصاهرة تقتضي المزيد من الإكرام كالقرابة. لكن أهل الزوجة ليسوا من أرحام الزوج على أية حال، وللمسلم على المسلم حقوق بيناها في الفتوى رقم: 6719.
وعلى ذلك فإنه يستحب للزوج أن يصل أهل زوجته وأن يكرمهم لما في ذلك من حسن المعاشرة لزوجته وقد أمره الله بذلك, وأيضا فإن فيه تقوية روابط المودة، وزيادة أواصر المحبة، وقد دل على ذلك عموم أوامر الشرع بالتواصل والتراحم بين المسلمين، ففي مسند أحمد
عن ابن عمر كان يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وكونوا إخواناً كما أمركم الله –عز وجل-. رواه الإمام أحمد وحسنه الأرناؤوط.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم.

ولا ينبغي أن تقف العادات واختلافها عائقا أمام التواصل بين أهل الإسلام, وخصوصا بين من تجمعهم علاقة وطيدة كعلاقة المصاهرة, فالمسلمون أمة واحدة بل هم كالجسد الواحد, وعلى افتراض ما ذكرت من عدم ائتلافك مع عاداتهم وتقاليدهم فإن هناك حدا أدنى من الصلة تستطيع أن تؤديه لهم دون أن تختلط بهم الخلطة التي تتأذى بسببها من عاداتهم, أما أن تقاطعهم تماما فهذا لا يجوز, خصوصا مع ما ذكرت من أنهم لم يسيئوا إليك، ففي صحيح البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. ورواه مسلم.
قال النووي في شرح مسلم: التدابر: المعاداة وقيل القطيعة، لأن كل واحد يولي صاحبه دبره.
وفي صحيح البخاري ومسلم وهذا لفظ البخاري عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.

فعليك رحمك الله بصلتهم بالقدر الذي يدفع الهجر والتدابر ولا يؤذيك بسبب عاداتهم.

وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 29999، 65047.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني