الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ثمة حلول بديلة عن إبقاء المال في البنك الربوي

السؤال

ما حكم التصدق بفائدة البنوك؟ أنا عندي مبلغ من المال(النقود) أدخره في بنك في مصر ومن تقريبا سنة أردت أن آخذ المبلغ بالكامل من البنك بما فيه الفائدة على أن أتخلص من الفائدة؟ وآخذ الأصل إلى بنك إسلامي حتى أبتعد عن الفوائد وأنا لي صديق فاضل في هذا البنك فسألته بأمانة أن يفيدني عن هذا البنك الإسلامي فقال لي بصدق وأنا أثق فيه بأن هذا البنك الذي سأضع به نقودي بأنه يضع فلوسه عندنا ويأخذ عليها فائدة ولولا أنه خاف على سمعته ومن زملائه لكان أخرج لي منشورا لدى البنك الإسلامي فأنا قررت بأن أجعل فلوسي مكانها على أن أتصدق بالفائدة. أفيدوني في هذا جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بينا مرارا وتكرارا خطر الربا على الفرد والمجتمع، فمتعاطيه والمتعامل به مستوجب لسخط الله ولعنته، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال: هم سواء. رواه مسلم. والمرابي محارب لله ورسوله، وناهيك بهذه الحرب خطرا على صاحبها. قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}

والمرابي يقوم من قبره في أشنع حال وأقبح منظر كالمجنون الذي يصرع؛ كما قال تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ {البقرة:275} والربا ممحوقة بركته تالفة ثمرته؛ كما قال تعالى: يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ {البقرة:276}

فإذا علمت هذا علمت أنه لا يجوز لك أن تبقي المال في هذا البنك الربوي إلا في حال الضرورة القصوى، ولو كنت تزعم أنك ستتصدق بما يسمى الفائدة وهو عين الخسارة في الدين، فنحن إنما نأمر بالتخلص من هذه الأرباح الربوية مع الأمر بالتوبة من تعاطي الربا، وأما أن يستمر المسلم فيه مع إمكان أن يحفظ ماله بغير هذه الطريقة فهو على خطر عظيم وإن كان يتصدق بالفائدة.
وإذا كان صديقك الذي تثق به قد أخبرك أن معاملات البنك الإسلامي ربوية هي الأخرى فليس الحل أن يبقى المال في البنك الربوي، ولكن يمكنك أن تبحث عن بنك إسلامي آخر تكون معاملاته مشروعة، كما يمكنك أن تضارب بهذا المال في أي مشروع استثماري يدر عليك وعلى أهلك نفعا، وأبواب الرزق الحلال كثيرة واسعة ولله الحمد.

والخلاصة أن الواجب عليك هو أن تخرج هذا المال فورا من البنك الربوي، وأن تتخلص من الفائدة المحرمة بإنفاقها في مصالح المسلمين أو الصدقة بها على الفقراء والمساكين، وانظر الفتوى رقم: 518، والفتوى رقم: 17460، وتفعل ذلك توبة إلى الله وتطهيرا لمالك ولا تنال بذلك ثواب الصدقة، فالفرق بين الأمرين بيِّن. ثم ابحث بعد ذلك عن بديل شرعي تحفظ من خلاله مالك وتنميه، واعلم أن الله ييسر السبيل لمن طلب مرضاته بصدق قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا {الطلاق: 2-3}

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني