الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ الزوجة من مال زوجها بغير علمه

السؤال

كنت أسرق من مال زوجي دون علمه لأنه كان يدفعني إلى ذلك بتقتيره وحرصه وطلبت منه مصروفا شهرياً فأعطاني، ولكن حين وجد المبلغ يكبر معي وأصرف منه على هدايا وأغراضي الخاصة رغم أنني أسأله دائما فهل هذا المال خالصا لي يقول نعم لكنك غير حرة في التصرف فيه فكنت أشتري ما أحتاج وأسرق منه ليظل معي نفس المبلغ لأنه دائما يطلب مني أن أريه إياه وكلما رأى المبلغ ازداد عندي توقف عن إعطائي مصروفي وطالبني بالاشتراك في مصروف البيت والحقيقة أني سرقته كثيراً بما يستوجب إقامة الحد علي وأنا الآن نادمة أشد الندم وأريد التوبة، ولكن إن صارحته أبغضني وكرهني ولن يعود ليثق بي وخاصة أن المبلغ كبير جداً ولا أستطيع رده كاملاً فهو من النوع الحريص على المال جداً وكنت حاولت مراراً أن ألمح له بذلك، فأنا كنت أصرف مباشرة من المبالغ التي أسرقها ولذلك تراكمت، لكني كنت كل فترة وفترة أقول له لقد أخذت منك مبلغا دون علمك، فهل تسامحني عليه وبعد إلحاح طويل يقول إن كان لا يتجاوز مبلغا معينا وإلا لن أسامحك أبداً أنا الآن نويت التوبة وأريد أن أقول له الحقيقة مهما كانت النتائج، ولكن سؤالي هل إذا سامحني عن تلك النقود فهذا يغنيني عن ردها فأنا لا أعمل وليس لدي مورد وأهلي حالهم صعبة وهل يمنع ذلك من إقامة الحد علي إذا سامحني فيها جميعها، أسأل الله أن يتوب علي وعلى جميع المسلمين وأن يتقبل توبتي ويثبتني عليها؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من حق المرأة على زوجها أن ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، كما أن الزوجة مؤتمنة على مال زوجها ومسؤولة عنه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ... والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها.. رواه البخاري ومسلم.

ولا يحق للمرأة أن تأخذ شيئاً من مال زوجها بغير إذنه ما دام ينفق عليها وعلى أولاده بالمعروف، أما إذا كان الزوج شحيحاً بالنفقة، فإن للمرأة حينئذ أن تأخذ من ماله بغير إذنه بالمعروف، فعن عائشة رضي الله عنها: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري ومسلم.

وعلى ذلك فإذا كان ما أخذته من مال زوجك دون علمه، أنفقته فيما تحتاجينه لك أو لولدك بالمعروف فلا شيء عليك.. وأما إذا كنت قد أخذت من ماله دون علمه، رغم أنه ينفق عليكم بالمعروف، فإن هذا من الخيانة التي لا تجوز، وأما عن كون ذلك يوجب إقامة الحد عليك، فالراحج من أقوال العلماء، أنه لا حد على الزوجة فيما تأخذه من مال زوجها، جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق جمهور الفقهاء على عدم إقامة الحد إذا سرق أحد الزوجين من مال الآخر وكانت السرقة من حرز قد اشتركا في سكناه، لاختلال شرط الحرز وللانبساط بينهما في الأموال عادة.

وأما عن وجوب رد المال فإذا سامحك الزوج فيما مضى فإن هذا يعفيك من رد ما أخذته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني