الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مات عن زوجة وتسع بنات وأربعة أبناء

السؤال

نحن أربعة إخوة أحمد الأكبر وصالح وزيد وعبدالله مات أبونا وترك زوجة هي أم عبد الله وكان عنده من قبل زوجتان لكنهما توفيتا قبل موته وما بقي الآن إلا واحدة هي أم عبدالله وكذلك ترك تسع بنات كلهن متزوجات عدا واحدة الخ مات أبونا وترك لنا أرضا زراعية في القرية يزرع فيها البن، القات، الموز الخ وكذلك ترك لنا بيتا قديما متواضعا لا يساوي شيئا ،هذا بالنسبة لما تركه لنا في القرية،أما في صنعاء فقد ترك لنا بيتا محترما في مدينة صنعاء اليمن وقد قام أبونا بتقسيم التركة وهو على قيد الحياة على النحو الآتي :
الأرض الزراعية التي في القرية مع البيت القديم المتواضع الذي لا يساوي شيئا جعله من نصيب الابن صالح والابن زيد مع العلم أن كلا من أحمد وعبدالله الأخوين الآخرين موافق على هذا الأمر ولم يعترضا تماما على تقسيم الأرض الزراعية والبيت المتواضع في القرية ونفوسهم طيبة وراضية أما التسع البنات فكلهن راضيات ولسن معارضات أبدا وحجة أبينا أن هذه فرائض تقسم على ما يراه مناسبا ... الخ على العموم لسنا جميعا الإخوة الذكور وأم عبدالله والبنات التسع لسنا معترضين على إعطاء كل من صالح وزيد الأرض الزراعية والبيت القديم في القرية فالكل قالوا هنيئا لهما بنفس راضية بقيت المشكلة فقط في البيت الموجود في صنعاء فأبونا قال يقسم على النحو الآتي:
يكون مقسما على خمسة أشخاص أحمد وصالح وزيد وعبدالله وأبونا يكون هو الخامس ونصيب أبينا أي الخمس من البيت في صنعاء يكون من نصيب التسع البنات وزوجته التي هي أم عبدالله ،، فصالح قال نقوم بتنفيذ وصية أبينا وهو أن يقسم البيت في صنعاء كما أراده أبونا أخماس وخمس أبينا يوزع على أم عبدالله والتسع بنات والبعض الآخر قال لا، نسأل الشرع والعلماء هل قسمة أبينا بهذه الطريقة صحيحة وشرعية أم لا ؟ وكيف تقسم القسمة الشرعية الصحيحة حتى لا نقع في الحرج ونريد شرع الله مع العلم أن الجميع لا يمكن أن يعارضوا شرع الله أبدا فأفيدونا بارك الله فيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنقول ابتداء إن هبة والدكم للأرض الزراعية والبيت التي فيها لبعض أبنائه هذه لا تسمى فرائض ولا ميراث، بل هي هبة وعطية، وقول أبيكم إن الفرائض تقسم على ما يراه مناسبا قول غير صحيح، بل الواجب على المرء المسلم أن يتصرف وفق شرع الله تعالى، والمواريث تقسم على كتاب الله تعالى وسنة نبيه لا على ما يراه البشر مناسبا وجوابنا على ما فعله والدكم رحمه الله يتخلص فيما يلي:

أولا: هبة الوالد لأولاده الذكور والإناث يجب عليه أن يعدل فيها ويحرم عليه أن يعطي بعضهم ويحرم آخرين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم . رواه البخاري ومسلم وأبو داود.

ولكن بما أن بقية الأولاد قد رضوا بهبة البيت ومزرعته لصالح وزيد فالهبة تكون ماضية صحيحة. وانظر للأهمية الفتوى رقم: 101286 .

ثانيا: وصية الوالد ببيت صنعاء على نحو ما ذكر وصية باطلة شرعا ولا تمضي إلا بإجازة الورثة لها، لأن الوصية للوارث ممنوعة شرعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، ولا وصية لوارث ... رواه أهل السنن. فوصيته بالبيت بأن يكون لأبنائه الأربعة والخمس الباقي يكون للبنات والزوجة كل ذلك مخالف لشرع الله تعالى فهي وصية باطلة لا عبرة بها، لأنها وصية لوارث كما ذكرنا. فالواجب هو أن يقسم البيت بين الورثة جميعا القسمة الشرعية فان كان الوالد توفي عن زوجة وتسع بنات وأربعة أبناء ولم يترك وارثا غيرهم فللزوجة الثمن لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ {النساء:12}، والباقي للأولاد الذكور والإناث للذكر مثل حظ الأنثيين لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11}

فهذه وصية الله وهي أولى بالتنفيذ من وصية والدكم فتقسم التركة على 136 سهما. للزوجة ثمنها 17 سهما، ولكل ابن 14 سهما، ولكل بنت 7 أسهم. فيقوم البيت الذي في صنعاء ويقسم على السهام المذكورة. وسواء قومت التركة على السعر وقت وفاة الوالد أم السعر الحالي فالكل يشتركون في السعر المقوم فلا يعطى البنات بناء على السعر القديم في حين يعطى الأبناء بناء على السعر الجديد، لأن هذا من الظلم والجور بل الكل يقسمون التركة بناء على السعر وقت قسمتها. وانظر الفتوى رقم: 97300.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني