الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مصير الكافرين وتشكل الشياطين وإيذاؤهم لبني آدم

السؤال

هناك 3 أسئلة إن شاء الله يترتب عليها إسلام إحدى الفتيات المسيحيات في أمريكا.. هي تعمل مدرسة في إحدى الجامعات هناك وأسأل الله العلي العظيم أن يشرح صدرها للإسلام، ولكن هي مترددة لأنه حسب كلامها تريد أن تكون مسلمة جيدة بالإضافة أن أهلها مسيحيون متعصبون وسوف تواجه مشاكل في حالة إعلان إسلامها وربطت إعلان الشهادة بالأسئلة التالية، وأنا سوف أترجم كلامها مثل ما حكته بالضبط إن شاء الله..
السؤال الاول: هل بالإسلام نص يدل على أنه كل غير المسلمين سوف يعذبون بالنار حتى لو كانوا كويسين؟ فكيف يتحقق العدل مع جماعة ما يسمعون عن الإسلام إلا عندما تأتي سيرة الإرهاب؟
السؤال الثاني: هي مقتنعة أن عدل الله لن يجعله يعذب هؤلاء رغم عدم إسلامهم بالنار، فهل هذا الاعتقاد يبطل صحة إيمانها ويخرجها من الإسلام؟
السؤال الثالث: هل ممكن الشيطان يتصور للإنسان ويلاحقه في صحوته ومنامه لما يعمل شيئا عاطلا، إن شاء الله تكون إجاباتكم يارب هي إيذانا ً بنطقها للشهادة يارب؟ بارك الله فيكم... وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يشرح صدر هذه المرأة للإسلام، وأن يوفقها للدخول فيه، وأما بخصوص السؤال الأول: فإن الله تعالى قد جعل الإسلام الدين الخاتم والناسخ لجميع الأديان، فلا يقبل من الناس ديناً سواه، كما قال تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {آل عمران:85}، فكل من دان بغير دين الإسلام فهو في النار، قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ {البينة:6}، وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار.

ولا ندري ما تعني بقولها "ولو كانوا كويسين" فإن كانت تعني أنهم يتعبدون كما يفعل الرهبان مثلاُ أو يقومون بأعمال حسنة في خدمة الإنسانية مثلاً، فهذا لا ينفع صاحبه إن كان قد فقد أصل الإيمان الصحيح، قال تعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ* وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ* عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ* تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً {الغاشية:1-4}، قال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا {الفرقان:23}، وقال تعالى: قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا* أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا* ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا {الكهف:103-106}، وثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه؟ قال: لا ينفعه إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين. وكيف يقال إن شخصاً ما حسن أو جيد وهو لا يقر لمن خلقه ورزقه وسواه -لا يقر له- بالوحدانية ولا يدين له بالعبادة، وهل يصح أن يوصف إنسان بالإحسان وهو سيء في حق الله تعالى، وقد سبق أن بينا أن من لم تبلغه دعوة الإسلام يمتحن يوم القيامة، فإن أطاع دخل الجنة وإن عصى دخل النار، وراجع ذلك في الفتوى رقم: 3191.

وبالنسبة للسؤال الثاني: فمما لا شك فيه أن الله تعالى عدل لا يظلم أحداً، ولو عذب أهل الأرض كلهم لم يكن بذلك ظالماً لهم، فيجب أولاً اعتقاد عدل الله تعالى، ويجب ثانياً اعتقاد ما جاء به القرآن أن من مات على الكفر فهو خالد مخلد في نار جهنم، وعدم الإيمان بهذا مبطل للإيمان لأن فيه تكذيباً لما جاء به القرآن، وراجع في العدل الإلهي الفتوى رقم: 60556، والفتوى رقم: 77624.

وأما بالنسبة للسؤال الثالث فإن الله تعالى قد أعطى الشيطان قدرة على التشكل سواء في صورة إنسان أو غيره من المخلوقات، وهو قد يؤذي ابن آدم، ولكن ينبغي أن يعلم أن كيد الشيطان ضعيف، وأنه لا يستطيع أن يضر أحداً إلا بإذن الله، ولولا ذلك لكان منه ضرر عظيم على الخلق، وينبغي عدم الاسترسال في التفكير في أمر الشيطان وإضراره بالإنسان، لأن هذا قد يدخل المرء في وساوس وأوهام قد لا تحمد عقباها، وننصح هذه المرأة بالمبادرة للدخول في الإسلام، وإذا وفقت للدخول فيه بصدق فستزول عنها هذه الإشكالات وينشرح صدرها للحق والإيمان ويمتلئ قلبها بمعرفة الله تعالى فتقدره سبحانه وتعالى حق قدره، فلا تعترض على شيء من أفعاله بل سوف توقن أنها كلها محض عدل وفيها الحكمة البالغة والمصلحة المتمحضة ، وعليها أن لا تجامل أحداً أهلا أم غيرهم في الدخول في هذا الدين الذي ربط الله به سعادة البشرية في الدنيا والآخرة، وإذا احتاجت إلى أن تخفي إيمانها مدة من الزمن فلا بأس بذلك على أن لا يؤدي بها ذلك إلى ترك شعائر الإسلام الظاهرة كالصلاة مثلاً، فالواجب عليها أداؤها ولو في الخفاء، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 32823.

وينبغي أن تبين لها هذه الأمور كلها بحكمة ولين عسى الله أن يشرح صدرها للإسلام، ونرجو إحالتها على بعض الفتاوى في قسم اللغة الإنجليزية من موقعنا هذا، وهذه الفتاوى ذات الأرقام التالية:85307، 88906، 81979، 85234.

وننبه إلى أن الأولى أن تتولى المرأة دعوة النساء لأن محادثة الرجل للمرأة قد تكون سبباً للفتنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني