الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نبذة عن عامر بن عبد الله التميمي

السؤال

لا أدري إن كان هذا مكانا مناسبا لسؤالي: سمعت مرة من داعية إسلامي قصة صغيرة عن أحد التابعين يدعى "عامر بن عبد الله التميمي" ، كانت القصة تتحدث عن دعواته الثلاث التي طلبها من الله عز وجل ولم يعطه منها إلا اثنتين ،وفي اليوم التالي بحثت على شبكة الانترنت عن سيرة هذا التابعي ولكني لم أجدها سوى في موقعين أو ثلاثة ........ولكني لا أعرف مدى موثوقية هذه المواقع وقد رغبت بنشر هذه السيرة في أحد المنتديات التي أشارك بها ولكنني خفت من نشر معلومات غير صحيحة أو مثيرة للفتنة كما قرأت في سيرته بأن الخليفة عثمان بن عفان قد أبعده إلى بلاد الشام خوفا من إثارته للفتنة في البصرة. والذي لفت نظري أن من المواقع التي نشرت معلومات عنه تعود لإخواننا الشيعة وهذا ما أثار خوفي أيضا، فهل بالإمكان تزويدي بمعلومات صحيحة وموثوقة عن سيرة هذا الرجل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسيرة العطرة لهذا العالم المقريء عامر بن عبد الله التميمي متوفرة في كثير من كتب التاريخ، ونلخص لك هنا شيئا مما ذكره عنه الإمام الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام: عامر بن عبد قيس التميمي العنبري البصري الزاهد أبو عبد الله ويقال : أبو عمرو، عابد زمانه روى عن : عمر وسلمان الفارسي، وعنه : الحسن وابن سيرين وأبو عبد الرحمن الحبلي وغيرهم، قال أحمد العجلي : كان ثقة من كبار التابعين.

وقال أبو عبيد في القراءات : كان عامر بن عبد الله الذي يعرف بابن عبد قيس يقرئ الناس، وعن الحسن أن عامرا كان يقول : من أقرئ فيأتيه ناس فيقرئهم القرآن، ثم يقوم يصلي إلى الظهر ثم يصلي إلى العصر ثم يقرئ الناس إلى المغرب ثم يصلي ما بين العشاءين، ثم ينصرف إلى منزله فيأكل رغيفا وينام نومة خفيفة ثم يقوم لصلاته ثم يتسحر رغيفا، وكانت له بغلة فروى بلال بن سعد عمن رآه بأرض الروم يركبها عقبة ويحمل المهاجر عقبة. قال بلال بن سعد : وكان إذا فصل غازيا يتوسم - يعني من يرافقه - فإذا رأى رفقة تعجبه اشترط عليهم أن يخدمهم وأن يؤذن وأن ينفق عليهم طاقته . رواه ابن المبارك بطوله في الزهد.

وقال، وعن أبي الحسين المجاشعي قال : قيل لعامر بن عبد قيس: أتحدث نفسك في الصلاة؟ قال : نعم أحدث نفسي بالوقوف بين يدي الله تعالى ومنصرفي.

قال جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال: لما رأى كعب الأحبار عامرا بالشام قال: من ذا؟ قالوا: عامر بن عبد قيس فقال كعب: هذا راهب هذه الأمة. وقال ابن أبي الدنيا: ثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا جعفر بن أبي جعفر الرازي عن أبي جعفر السائح أنبأ أبو وهب وغيره أن عامر بن عبد قيس كان من أفضل العابدين ففرض على نفسه كل يوم ألف ركعة يقوم عند طلوع الشمس فلا يزال قائما إلى العصر، ثم ينصرف وقد انتفخت ساقاه فيقول: يا نفس إنما خلقت للعبادة، يا أمارة بالسوء فوالله لأعملن بك عملا يأخذ الفراش منك نصيبا، وهبط واديا يقال له وادي السباع وفيه عابد حبشي فانفرد يصلي في ناحية والعابد في ناحية أربعين يوما لا يجتمعان إلا في صلاة الفريضة.

وقال محمد بن واسع عن يزيد بن عبد الله بن الشخير: إن عامرا كان يأخذ عطاءه فيجعله في طرف ثوبه فلا يلقاه أحد من المساكين إلا أعطاه، فإذا دخل بيته رمى به إليهم فيعدونها فيجدونها سواء كما أعطيها.

وقال جعفر بن برقان : ثنا ميمون بن مهران أن عامر بن عبد قيس بعث إليه أمير البصرة : ما لك لا تزوج النساء؟ قال : ما تركتهن وإني لدائب في الخطيئة قال : وما لك لا تأكل الجبن؟ قال : أنا بأرض فيها مجوس فما شهد شاهدان من المسلمين أن ليس فيه ميتة أكلته قال : وما يمنعك أن تأتي الأمراء؟ قال : إن لدى أبوابكم طلاب الحاجات فادعوهم واقضوا حوائجهم ودعوا من لا حاجة له إليكم.

وقال مالك بن دينار : حدثني فلان أن عامرا مر في الرحبة وإذا ذمي يظلم فألقى رداءه ثم قال : لا أرى ذمة الله تخفر وأنا حي فاستنقذه.

وقال هشام عن قتادة : إن عامر بن عبد قيس لما احتضر جعل يبكي فقيل : ما يبكيك قال : والله ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وقيام الليل.

روى ضمرة عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه أن قبر عامر بن عبد قيس ببيت المقدس.

وقيل: إنه توفي في زمان معاوية. انتهى بتصرف.

وقد ذكرت بعض كتب التاريخ شيئا مما حدث بينه وبين عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولكن مما ينبغي التنبه له أنه ليس كل ما يكتب في كتب التاريخ صحيحا ، فإنها تجمع ما يصح وما لا يصح ، وإذا تعلق الأمر بأولئك الجهابذة فعلى المرء أن يتوقف كثيرا فلا ينقل كل ما يقرأ عنهم.

وأما قصة دعواته الثلاثة فلم نطلع على ذكر لها في كتب التراجم بين أيدينا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني