الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يسوغ أن يقول من عذب يوم القيامة (وحدته فعذبني)

السؤال

بعث لي أحد الإخوة الكرام بهذا الدعاء فهل يجوز الدعاء به، وما معني مشاهد الرؤيا، وجزاكم الله خيراً.روي عن السيدة عائشة بنت الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب عليه وعلى آل بيت النبي الأعظم جميعا الصلاة والسلام أنها كانت تناجي ربها باكية وتقول: وعزتك وجلالك لئن أدخلتني النار لآخذن توحيدي لك بيدي فأطوف به على أهل النار وأقول "وحدته فعذبني" صلى الله على سيدنا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين جميعا.. والسيدة عائشة لها ضريح بالقاهرة وهو من مشاهد الرؤيا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا الدعاء قبيح المعنى جداً لا يجوز الدعاء به بحال لما فيه من سوء الأدب مع الله عز وجل، وما نظنه يثبت عن من نسب إليه، فكيف يخاطب المسلم ربه بهذه اللهجة المشتملة على التهديد وكأنه -والعياذ بالله- يقول لربه إنك إن عذبتني فسأتهمك بالظلم وأشيع ذلك بين أهل النار، وأين هذا من دعاء المؤمنين المشتمل على الذل والضراعة والإنكسار: ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ {آل عمران:182}.

وينبغي على المسلم الحرص على التزام أدعية الكتاب والسنة، فهي وافية بحمد الله كافية في تحصيل خير الدنيا والآخرة، وعلى المسلم البعد عن أمثال هذه الأدعية المتكلفة التي تبدو في ظاهرها حسنة، فإذا تأملتها وجدتها مشتملة على كثير من الأخطاء بل والطوام، ثم إن السنة الصحيحة دلت على أن كثيراً من الموحدين يدخلون النار بذنوبهم فيقضون ما عليهم ثم يصيرون إلى الجنة.. وهذا الدعاء يشتمل على إقامة عذر لبعض أهل النار، ويفيد أن الله قد يعذب غير المستحق للعذاب وهذا باطل، بل أهل النار أنفسهم يقرون وهم فيها بأن الله لم يظلمهم شيئاً وإنما ظلموا هم أنفسهم، قال الحسن رحمه الله: إن أهل النار دخلوا النار وإن حمد الله لفي قلوبهم لا يستطيعون غير ذلك. فالواجب اجتناب هذا الدعاء.

وأما مشاهد الرؤيا فلا ندري ما هي، ولعله اصطلاح خاص عند أهل البدع الذين يعظمون هذه المشاهد ويقسمونها تقسيمات متعددة باعتبارات معينة معروفة عندهم، وقد أدخلت هذه المشاهد بأنواعها المختلفة فساداً عظيماً على المسلمين وجرت عليهم شراً كبيراً لا ينحصر حتى عظمها كثير منهم وصرف إليها العبادات من دون الله، فنذروا لها وذبحوا لها ودعوا أصحابها، واستغاثوا بهم، ولهذا فإن أهل السنة كما قال بعض أهل العلم يعمرون المساجد ويهجرون المشاهد، وأهل البدع يعمرون المشاهد ويهجرون المساجد.

ونحب أن ننبه هنا إلى أمر مهم فجعفر الصادق وآباؤه الباقر وزين العابدين والحسين وأمير المؤمنين علي رضي الله عنهم جميعاً هم من أئمة أهل السنة بلا شك، ولكن اختصاصهم إذا ذكروا بلفظ الإمام وترك هذا اللفظ مع من هو مثلهم وأفضل منهم من فعل أهل البدع، فالذي ورد في سياق نسب عائشة بنت جعفر رحمها الله كما في السؤال يشعر بأن هذا الدعاء مأخوذ من المبتدعة، فعليك أخي الحبيب أن تحذر من البدعة وأهلها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني