الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

شيخنا الفاضل .....حفظه الله .
لي ولد يدرس بالسودان وأثناء مكالمة هاتفية بيني وبينه اتضح لي بأن عنده مشكلة وربما يكون راسبا في الدراسة وحاولت معه الاطلاع على مشكلته ولكنه لم يخبرني بشيء وبدا لي بأنه يكذب علي ويحاول أن يفتعل مشكلة للتغطية على فشله في الدراسة واحتد النقاش بيني وبينه ولم يفصح عما عنده من مشاكل واتصلت به عدة مرات ولم يجب ثم استعنت بعمه لمعرفة ما عنده من مشاكل وأخبرني عمه بأنه أثناء إجازتي اتصل بعمه وطلب منه فلوسا وبعث له ألف دولار لحاجته لها للسكن وأن أصحاب البيت يريدون أن يخرجوه من البيت وكنت سابقا مرسلا له كل المصاريف التي يحتاجها حتى نهاية دراسته وكان في آخر نقاش بيني وبينه على التلفون وعندما ألححت عليه بأن يخبرني عن مشاكله قد أشار لوجود مشكلة عنده بالسكن وهو نفس السبب الذي أخبر عمه عنه قبل حوالي أكثر من شهر عندما أرسل له عمه الفلوس مما جعلني في حالة غضب شديد عليه لشعوري بأنه كذاب وفاشل في دراسته ويحاول أن يغطي فشله بافتعال مشاكل جديدة وابتزاز لمن حوله وعندما عدت إلى المنزل بعد إخبار عمه لي عن وضعه وكنت في حالة غضب منه ومن تصرفاته طلبت من أمه بعدم الرد على اتصالاته إذا اتصل بها وأخبرتها بأنها ستكون طالقا إذا هي ردت عليه أو كلمته وأنه عليها أن تختار ما بين ابنها وزوجها. وكنت أقصد بأن أردعها عن الرد على تليفوناته وكذلك لعدم فسح المجال للولد بأن يستغل عاطفة الأمومة عندها حتى لا يتكرر ما فعله سابقا, فقد سبق أن هددها بأنه سينتحر إذا لم تجب على مكالماته وحدد لها عدة أوقات لتنفيذ تهديداته ولتعاطفها معه رددت عليه أنا وطلبت منه الانتحار وتنفيذ تهديداته وبأن أمه لن تكلمه وكان ذلك في مشكلة سابقة. وبعد أربعة أيام سألتها ما بك منفردة ولا تتكلمين معي فقالت لي يظهر أنك ناسي ما صدر منك وما تلفظت به لقد طلقتني وأنت في حالة الغضب التي كنت فيها وأنا الآن أفكر في مصيري وماذا سيحدث لي؟ فأخبرتها بأن ذلك لم يحدث وأنني قلت لها بأنك ستكونين طالقا إذا رددت على التلفون وكان قصدي بأن أردعك عن إجابته حتى لا يستغل عاطفتك كما حدث سابقا ؟ فأخبرتني زوجتي بأنني حلفت عليها يمين إذا اتصل بك طارق ولدها ورددتي عليه تكوني طالقا وكررتها عدة مرات وقلت من هذا التاريخ 20/9 لا أعلم أنك رددتي على تلفوناته ولا تكلميه وإلا بيتك سوف يدمر. والابن اتصل عدة مرات ولم أرد عليه وأنت تقول لي لم أتلفظ بهذا اللفظ ولم أقصد الطلاق وإنما ردعك عن تكليم ولدي لكي لا يستغل عاطفتي كما فعل سابقا.
والسؤال الآن: ما هو الحكم الشرعي في ما حصل؟ وهل يعتبر ذلك يمينا أو طلاقا معلقا؟ وماذا يترتب على ذلك إن كان يمينا أو طلاقا ؟ وكيفية الخروج من هذا الوضع علما بأنني متمسك بزوجي وكذلك هو؟ حتى هذه اللحظة لم أرد على تلفونات ولدي رغم أنه اتصل عدة مرات فعندما أرى رقمه وأعرفه فلا أرد؟ ولكن ما هو الحكم الشرعي إن رددت وأنا ناسية؟ أو إذا اتصل من رقم آخر غير الذي أعرفه ورددت عليه فهل يقع الطلاق ؟ ثم إلى متى سيستمر هذا الحال وأنا في قلق من أي تلفون أخشى أن يكون من ولدي ويقع الطلاق ؟ هل أبديا وماذا عن المستقبل بعد عدة سنوات إذا حضر ولدي بعد غربة طويلة فهل لا أستطيع أن أكلمه حتى لا يقع الطلاق؟ وماذا عن التكرار في نفس اللحظة إذا وقع الطلاق لسبب مما ذكر سابقا هل تعتبر طلقة واحدة أو طلاقا نهائيا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

أما قولك لزوجتك: إن رددت على ولدك أو كلمته في التليفون فأنت طالق.. فهذا طلاق معلق وحكمه عند جمهور الفقهاء أنه يمين لا يمكن حله، خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أنه ما دام قصد به التهديد فهو يمين يمكن حلها بكفارة اليمين، وما ذهب إليه الجمهور هو الأرجح.

وعلى ذلك فعلى زوجتك تجنب الرد على ولدك، وإلا فإنها إن ردت عليه يقع الطلاق، وأما عن كلام الزوجة له حين يعود إلى بلدكم فهذا لا يقع به طلاق، وإنما يتعلق الطلاق بما قصدته فيما علقت عليه الطلاق، فإن قصدت منعها من الرد حتى تنتهي مشكلة ولدك الحالية، تعلق الطلاق بتلك المدة فقط، وإن قصدت منعها من الرد حتى يعود إلى بلدكم، تعلق الطلاق بذلك، وهكذا..

وأما عن تكرار الطلاق فإن قصدت بالتكرار التأكيد فقط، فلا يقع به إلا طلقة واحدة، وإلا فإنه يقع به من الطلقات بعدد ما قلت، فإذا كررته ثلاثاً، فيقع به ثلاثاً، وتبين زوجتك منك بينونة كبرى إذا فعلت ما علقت عليه الطلاق، وأما إذا لم يتم التأكد من التكرار وكان مجرد شك فإنه لا يقع به إلا واحدة.

قال ابن قدامة: ومن شك في الطلاق أو عدده أو الرضاع أو عدده بنى على اليقين. انتهى.

أما عن الحكم في ردك على ولدك ناسية أو غير قاصدة، فهذا مما اختلف فيه أهل العلم، والراجح عدم وقوع الطلاق في هذا الحالة، ويمكن مراجعة الفتوى رقم:14603. الخاصة بهذا الحكم.

وننصح السائل أن يتعامل مع ولده بالحكمة، وأن يتجنب الغضب واستعمال ألفاظ الطلاق للتهديد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني