الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشك في حدوث الإيلاج أو عدمه

السؤال

جزاكم الله خيراً على هذا الموقع.. لي صديق تقدم لخطبة فتاة وتم الخطبة وبدون عقد القران (قراءة الفاتحة) وهو يعلم أنه بعد قراءة الفاتحة فهي ما زلت أجنبيه عنه وكان يذهب إلى البيت في حضور الأهل للتعارف وفي بعض الأوقات كان الأهل يتركونهم بمفردهم ولكن في مكان آخر فى البيت غير المكان الذي يجلسون فيه صديقي هذا بدأ بتبادل الأحاديث معها وبدأ بينهم تنمو العاطفه والمشاعر وكان يستغفر الله بعد كل يوم يذهب إليها ويتوب ويعزم على عدم العودة إلى مقدمات الزنا، ولكنه كان يعود ثم يتوب ووقت توبته يكون صادق النيه فى عدم العودة، ولكن ما حدث أنه فى إحدى المرات قبلها وأخذها في حضنه وحدث قذف، ولكن كانوا مردتين ملابسهم كاملة وقالت له إنها شعرت بشيء دخل فى فرجها تقصد ذكره، ولكن عندما سألها ليتأكد قالت إنها لا تدري إن كان ذكره قد دخل فى فرجها أم لا مرات تقول إن ذكره دخل فى فرجها وأوقات تقول إنها غير واثقه وإنها غير متأكدة، ولكن كانوا الاثنين مرتديين ملابسهما كاملة، مع العلم بأنه لم يشعر أن ذكره قد يكون دخل في فرجها من عدمه لارتدائهم ملابسهم كاملة، وما نسأل عنه هل هذا يعد زنا؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنريد أولاً أن ننبه إلى أن العقد لا يشترط لصحته قراءة الفاتحة بل اعتبرها كثير من أهل العلم بدعة، وإذا وقع العقد الصحيح سواء قرئت فيه الفاتحة أم لا، فإن ذلك يترتب عليه أثر الزوجية ويبيح لكل منهما من الآخر ما يباح بين الزوجين، فما فعل صديقك أيها السائل من الاختلاء بهذه الفتاة وما ترتب على ذلك مما ذكرت أمر محرم لا يشك في تحريمه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم. أخرجه مسلم.

ففي هذا الحديث دلالة على منع خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية، فما بالك بتبادل القبلات والأحضان وغير ذلك، لا شك أنه انتهاك لحرمات الله تعالى وتجاوز لحدوده، والتقدم للخطبة لا يبيح الاختلاء بالمخطوبة حتى ولو وافق أهلها ورضوا به زوجاً، فالمخطوبة أجنبية حتى يتم العقد الشرعي عليها.

أما ما حدث بينهما فإن كان قد حدث إيلاج للذكر في فرج المرأة بالحشفة أو بقدرها فهذا هو الزنا الموجب للحد، جاء في حاشية الجمل في تعريف الزنا: فيقال في تعريفه شرعاً هو: إيلاج حشفة أو قدرها في فرج محرم لعينه مشتهى طبعاً بلا شبهة. انتهى.

فلو حدث هذا الإيلاج فقد حدث الزنا ولو كان بحائل كأن كان من وراء الملابس ونحو ذلك، جاء في مغني المحتاج: وحقيقته الشرعية الموجبة للحد (إيلاج) حشفة أو قدرها من (الذكر) المتصل الأصلي من الآدمي الواضح ولو أشل وغير منتشر وكان ملفوفاً في خرقة (بفرج) (محرم) في نفس الأمر (لعينه) أي الإيلاج (خال عن الشبهة) المسقطة للحد (مشتهى) طبعاً بأن كان فرج آدمي حي. انتهى بتصرف.

فتأمل قوله (وكان ملفوفاً في خرقة) فإنه صريح في أن الذكر لو كان ملفوفاً بخرقة أو تم الإيلاج من وراء ثياب فإنه زنا، أما إذا لم يحدث هذا الإيلاج فليس هذا بالزنا بل هو من مقدمات الزنا، ولا حد فيها بل فيها التعزير البليغ الذي يراه الحاكم رادعاً وزاجراً..

أما إذا حدث شك في حدوث الإيلاج أو عدمه -وهذا مستبعد- فلا يأخذ هذا الفعل حكم الزنا، لأن القاعدة المتقررة شرعاً -أن اليقين لا يزول بالشك بل لا يزول إلا بيقين مثله- أي أن الأمر المتيقن ثبوته لا يرتفع إلا بدليل قاطع، ولا يحكم بزواله لمجرد الشك، كذلك الأمر المتيقن عدم ثبوته لا يحكم بثبوته بمجرد الشك، لأن الشك أضعف من اليقين فلا يعارضه ثبوتاً وعدماً.

وللفائدة في ذلك تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22226، 20064، 5779.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني