الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الالتزام بأحكام الشرع لا يتنافى مع يسر الدين

السؤال

فيه بعض الناس يقولون إن حلق اللحية حرام، وأن من لا يصلي لا فائدة من صومه في رمضان، و أن من لا يقصر قميصه هو في النار، ومن ناحية أخرى يقولون إن هذا الدين يسر, فماهو ردكم على هذه الأقاويل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن المرجع الأساسي الذي تستمد منه أحكام الشرع بالتحليل أو التحريم هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالهدى في هذين المصدرين.

قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً { النساء:59 }.

والرد إلى الله تعالى هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إلى سنته.

وقد ثبت بأدلة من السنة أن حلق اللحية محرم، وقد ذكرنا جملة من هذه الأدلة بالفتوى رقم: 2711. وكذلك الحال في تحريم إسبال الإزار، وقد بينا أدلته بالفتوى رقم: 15431.

وأما القول بأن من ترك الصلاة لا فائدة من صومه فهذا مبني على القول بأن من ترك الصلاة يكفر كفرا مخرجا من الملة، وقد ذهب إلى هذا جماعة من العلماء، وهو قول وجيه له اعتباره، ولكن أكثر العلماء على أنه لا يكفر، وعلى قول هؤلاء يكون صومه صحيحا، وراجع فتوانا رقم: 6839.

ومما يهم أكثر هنا أن تعلم أن الذهاب إلى هذه الأقوال التي ذكرت لا يتنافى مع القول بيسر الدين، فإن هذا الدين يسر في أصل أحكامه، وييسر للناس في الأحكام إذا طرأت مشقة، ولكن قد يظن بعض الناس أن في الحكم المعين تشددا، والسبب في ذلك أنه قد أتى بما يخالف هواه، أو يخالف ما عليه مجتمعه وبيئته فيصعب عليه تطبيقه، ولكنه إذا أقدم بصدق وإخلاص على الالتزام به وجد فيه يسرا وتسهيلا، وصدق الله تعالى حيث قال: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى {الليل: 7،6،5}.

وما الضرر على المرء في إعفاء لحيته أو تجنب إسبال إزاره والالتزام بصلاته حتى نقول إن هذا يتنافى مع يسر الدين، إن من يقول بمثل ذلك إنما يريد إسقاط التكاليف بالكلية وذلك معناه الخروج من الدين والعياذ بالله، ولمعرفة مفهوم التشدد المذموم راجع الفتوى رقم: 21149.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني