الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مدى صحة قاعدة (العقد شريعة المتعاقدين)

السؤال

الإخوة الأفاضل.. جزاكم الله خيراً على ما تقومون به من جهد لإعلاء كلمة الدين وجعل الكلمة الفصل له فيم يعترض الناس من أمور ومشاكل تدعو للخلاف بينهم.. أما بعد:
فبالإشارة إلى الفتوى رقم 114758 فلدي استيضاح وهو: أن هناك قاعده قانونية تقول بأن العقد شريعة المتعاقدين وقد أفدت من قبل رجل محترم يحمل شهادة دكتوراه في علوم الدين بأن هذه أيضا قاعدة شرعية في أحكام المعاملات، فما مدى دقة هذه الإفادة؟ ولا يسعني إلا أن أشكر لكم سعة صدركم واعذروني مرة أخرى إن كنت أتحرى كثيراً في هذا الأمر، ولكن عسى أن يكون في هذا مرضاة لله عز وجل وإحقاقا للحق ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.. وجزاكم الله عنا وعن أمة الإسلام خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعقد شريعة المتعاقدين ما لم يخالف الشرع، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، ولما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم. رواه البخاري تعليقاً وأبو داود وحسن إسناده ابن الملقن في خلاصة البدر المنير.

أما إذا خالف العقد أو الشرط الشرع فلا عبرة به وهو باطل، وإن تراضى الطرفان عليه، فالتراضي لا يحل الحرام، وقد دل على ذلك ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فليس له، وإن اشترط مائة مرة. وفي رواية لمسلم: ما كان من شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل، وإن كان مائة شرط، كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق، ما بال رجال منكم يقول أحدهم: أعتق فلانا والولاء لي، إنما الولاء لمن أعتق.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وهذا الحديث الشريف المستفيض الذي اتفق العلماء على تلقيه بالقبول اتفقوا على أنه عام في الشروط في جميع العقود... بل من اشترط في الوقف أو العتق أو الهبة أو البيع أو النكاح أو الإجارة أو النذر أو غير ذلك شروطاً تخالف ما كتبه الله على عباده بحيث تتضمن تلك الشروط الأمر بما نهى الله عنه أو النهي عما أمر به أو تحليل ما حرمه أو تحريم ما أحله فهذه الشروط باطلة باتفاق المسلمين في جميع العقود الوقف وغيره. انتهى.

فإذا اتفق العاقدان على عقد أو شرط مما لا يجوز العمل به فهو باطل وإن حصل عليه التراضي، ولذا إذا تم الاتفاق في عقد المضاربة على الضمان فهذا شرط باطل، لأن المضارب أمين على المال، والأمين لا يضمن إلا في حالة التعدي، قال ابن قدامة في المغني: متى شرط على المضارب ضمان المال، أو سهماً من الوضيعة فالشرط باطل، لا نعلم فيه خلافاً، والعقد صحيح. نص عليه أحمد وهو قول أبي حنيفة ومالك وروري عن أحمد أن العقد يفسد به، وحكي ذلك عن الشافعي. انتهى... وللمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 32671، 58694، 104050.

نسأل الله تعالى أن يجزيك خيراً على حرصك، وننبهك إلى أننا في مركز الفتوى بالشبكة الإسلامية نرحب بكل الأسئلة والاستفسارات الشرعية في كل ما يحتاجه الناس في عباداتهم ومعاملاتهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني