الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هجر الخالة بسبب معاصيها وممارستها السحر

السؤال

لي خالة متزوجة من ساحر بالسر و تؤمن به و تضر الناس بحجة أنه ولي وقد ضرتني ضررا بالغا أكثر من مرة و هي لا تخاف إخوتها، فكرت أن ابلغ السلطات لكنهم لا يقيمون الحدود، فهل لي أن أقاطعها؟ أريد مقاطعة بناتها أيضا لكني أشعر بتأنيب الضمير رغم أنهن يقررنها على ما تفعله، علما أنهما مراهقات. أفيدونا أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن خالتك من الأرحام الذين يجب صلتهم وتحرم قطيعتهم, فعليك أن تحافظي معها على الحد الذي لا تحصل به القطيعة ولا ينالك بسببه ضرر مع محاولة إصلاحها وردها عن غيها، فإن يئست من ذلك فلا حرج حينئذ في مقاطعتها, ولكن عليك أن تجعلي هجرك لها في الله ولله, فإن هجر أهل المعاصي والكبائر في الله – حتى ولو كانوا من الأرحام غير الوالدين - من شعب الإيمان، والأدلة عليه أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: ما ذكره أبو داود بعد أن ذكر أحاديث فيها النهي عن هجر المسلم؛ قال: النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – هَجَرَ بَعْضَ نِسَائِهِ أربعينَ يَوْماً ، وابنُ عُمَرَ هَجَر ابناً له إِلَى أنْ مَاتَ .

وفي صحيح مسلم أن قريباً لعبد الله بن مغفل خَذَف فنهاه فقـال: إنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نهى عن الْخَذْف وقال: إِنَّهَا لاَ تَصِيدُ صَيْدًا وَلاَ تَنْكَأُ عَدُوًّا وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ ، قال: فعاد ، فقال: أحدثك أن رسول الله نهى عنه ثم عُدْتَ تخذف لا أكَلِّمك أبداً.

قال النووي على حديث عبد الله بن مغفل: في هذا الحديث هجران أهل البدع والفسوق ومُنَابِذِي السنة مع العلم، وأنه يجوز هجرانه دائماً؛ والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائماً، وهذا الحديث مِمَّا يؤيده، مع نظائر له كحديثِ كعب بن مالك وغيره. انتهى.

وجاء في صحيح البخاري: ودعا ابن عمر أبا أيوب فرأى في البيت سترا على الجدار فقال ابن عمر غلبنا عليه النساء فقال من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك والله لا أطعم لكم طعاما فرجع. انتهى.

وقال ابنُ حَجَر في الفتح: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلى أنه لا يُسَلَّم على الْمُبتَدِع ولاَ الفاسق. انتهى.

وقال أيضا: وقال الْمُهَلب: تَرْكُ السَّلاَمِ على أهلِ الْمَعَاصِي سُنَّة مَاضية، وبه قال كَثير من أهلِ العِلْمِ في أهل البِدَع.

وقال النووي في رياض الصالحين: بابُ تحريمِ الْهُجْرَان بينَ المسلمين إلاَّ لِبِدْعَةٍ في الْمَهْجُور أو تظاهر بِفِسْق أو نحو ذلك .

أما بالنسبة لهجر بناتها فإن كن يعاونّ أمهن على عصيانها وإفسادها وتحققت من ذلك فلهن حكم الأم , وعليه فلك أن تهجريهن أيضا وإن لم يكن كذلك فلا يجوز لك هجرانهن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني