الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

واجب الزوجين تجاه بعضهما

السؤال

سيدة تونسية متزوجة منذ 13سنة ولي 3 أطفال (12 سنة، 11 سنة، 6 سنوات) أعيش في دوامة مع زوج يغضب ويباغضني لأتفه الأسباب (أقول له لماذا لم تشتر الخضار أو الغلال... لماذا وضعت أدباشك هنا.... هل سنذهب إلى منزل والديك اليوم... لماذا لم تشتر لنا مثلاً ثماراً أو مثلجات أو لماذا لم تمر بابنك عوضا عن خروجي أنا لآتي بابني من المدرسة أو الرياضة فيصيح ويقول أشياء تافهة وكأنه يعمل عندي...)، كلها أشياء تافهة والمدة تدوم حتى 3 أو 4 أشهر والسبب لا سبب، يرفض النقاش والكلام علما وأنه من عائلة متدينة وهو يصوم ويصلّي ولا يخرج من البيت حتى مشترياتنا أقوم بها لوحدي إلا القليل عندما أطلب منه مرة على 3 أو 4 مرات يأتينا بمتطلبات الأسبوع، أنا أحمل الأولاد إلى الأطباء وأتحمل كل الأتعاب البدنية والمصاريف ولا أشكو من ذلك.طبعه حزين وكئيب بدون سبب فنحن نعمل ونتعاون ماديا والأطفال بصحة جيدة والحمد لله، صدقوني لم أعد أحتمل العيش بهذه الطريقة فنحن لا نخرج للترفيه ولا أحس بالأمان ولا السعادة معه، فلا حنان ولا مبالاة بي لا عندما أمرض ولا حتى عند الأفراح، ولا يريد النقاش بل يرفضه تماما ويقول لي ما بك ولماذا تريدين الخصام وما هي المشاعر التي تتكلمين عنها، علما وأننا تعارفنا في العمل وتزوجنا بعد معرفة وإصرار شديد لمدة طويلة من ناحيته مع عائلته التي رفضتني لأنني لست من معارفهم، فأرجو أن تتفهموا وضعي لأنني عندما يضيق بي الحال وتعز بي نفسي وحالي وعمري الذي يجري أفكر في الطلاق ولكن يعذبني أطفالي، وأنا محتارة هل أشكوه لأهله أو أقوم بشكوى ضده لإهماله لي وسوء المعاملة فأنا لا أجده بجانبي عندما أمرض وقد كثرت أمراضي بسببه، فأرجو أن تجيبوني فأنا محتارة وأخاف الله؟ وفقكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعليك أن تحمدي الله سبحانه وتشكريه أن منّ عليك بزوج صالح متدين يعرف ربه ويخاف مقامه ويراعي حدوده، فما أقل أصحاب الدين في هذا الزمان، أما بالنسبة لما تجدين منه من سوء في المعاملة وتقصير في بعض الأمور فسبيل هذا هو التفاهم والمناقشة باللين والتودد، فالحياة الزوجية الكريمة إنما تقوم على التغاضي عن الهفوات، والتغافل عن الزلات، وأن يراعي كل من الزوجين صاحبه، فلا تطلبين شخصاً مثالياً يتحقق فيه الكمال البشري فهذا ليس لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كرهت بعض الصفات في زوجك فستجدين صفات أخرى مرضية، واعلمي أنه ليس كل البيوت تبنى على الحب وحده، جاء في كنز العمال عن عمر رضي الله عنه: ليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام.

فإن ضاقت بك الأحوال فلا مانع من أن تذكري هذه الأمور لبعض من تجمعهم به علاقة من أهله أو أرحامه، أو بعض أهل العلم والصلاح إذا غلب على ظنك أن هذا سيقومه ويصلحه، أما قولك إنك تتحملين الأعباء المادية فهذا لا يلزمك لا في قليل ولا كثير، فإن الإنفاق إنما يجب على الزوج وحده دون زوجته، وقد بينا هذا بالتفصيل في الفتوى رقم: 113241.

وكذا لا تلزمك الخدمة خارج البيت من شراء الحاجات ومتابعة الأولاد في المدارس وغير ذلك فهذا من مهام الزوج، قال ابن حبيب في الواضحة: حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة، فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة خدمة البيت، وحكم على علي بالخدمة الظاهرة. ثم قال ابن حبيب: والخدمة الباطنة: العجين، والطبخ، والفرش، وكنس البيت، واستقاء الماء، وعمل البيت كله. انتهى.

أما إذا ضاقت بك الأحوال وكان مقامك معه يسبب لك الضرر كما ذكرت أنه قد أصابك بعض الأمراض بسبب معاملته، ومع ذلك فلم يرجع هو عن تفريطه وتقصيره فلا مانع حينئذ من أن تطلبي منه الطلاق لأجل الضرر الذي يصيبك، قال خليل: ولها التطليق بالضرر البين ولو لم تشهد البينة بتكرره. انتهى.، وقال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعاً، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها وسب أبيها نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون كما يقع كثيراً من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق -كما هو ظاهر- وكوطئها في دبرها. انتهى. وللفائدة في ذلك راجعي الفتويين: 2589، 8102 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني