الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقد على امرأة وانقطع عنها لفترة طويلة

السؤال

تقدم لخطبتي أحد أقاربنا وتمت كتابة العقد، ولكن اشترطنا عليه أن يوفي بالشروط التالية: أن يكون على خلق ودين ويصلي الصلوات مع الجماعة. وأسكن بجوار أهلي، وأن يدفع لنا مهرا معينا، ولكن هذا الشخص لم يدخل بيتنا إلا يوم كتابة العقد، ثم هجر بيتنا ولا يرد على اتصالاتنا، والآن مضى على ذلك أكثر من ثلاث سنوات، وعلمنا بعد ذلك وبالصدفة أنه تزوج بابنة خالته. فهل يحق لي وهو لم يستوف الشروط أن أطلب الخلع، وإذا رفض أن يطلقني فهل لي الحق بأخذ نصف المهر لم أعد أرغب بالزواج منه نتيجة لما عملوه معي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فطالما أن هذا الشخص قد هجرك لمدة ثلاث سنوات، ولم يعد يرد على اتصالاتكم، ولم يسع في إتمام الزواج، فيمكنك حينئذ طلب الطلاق منه للضرر. فقد نص العلماء على أن هجر الزوجة بدون سبب يبيح للمرأة طلب الطلاق, وقال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها. انتهى.

والمرأة إذا طلقت قبل الدخول وقبل الخلوة الشرعية لها حقوق سبق بيانها بالتفصيل في الفتاوى رقم: 110393، 1955.

فإذا حصلت هناك خلوة يمكن فيها حصول الوطء عادة فلها أحكام أخرى سبق بيانها في الفتويين رقم: 96121، 41127.

على أننا ننبه إلى أن هذا الشخص إذا خالف الشروط المشترطة عليه، سواء كانت مما يقتضيه العقد أو مما هو مصلحة لك، وليس مخالفا لمقتضى العقد، فإن هذا يثبت لك الخيار في إمضاء العقد أو فسخه، وهذا رأي الحنابلة وهو الراجح من أقوال العلماء, وقد استدلوا على ذلك بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. {المائدة: 1} واستدلوا أيضا بحديث: إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: المسلمون على شروطهم. وقد ورد عند الأثرم بسنده أن رجلاً تزوج امرأة، ثم إنه شرط لها دارها، ثم أراد أن ينقلها عن هذه الدار، فخاصموه إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال: لها شرطها. مقاطع الحقوق عند الشروط.

جاء في الروض المربع وحاشية ابن قاسم: والمعتبر من الشروط ما كان في صلب العقد أو اتفقا عليه قبله وهي قسمان: صحيحٌ، وإليه أشار بقوله: إذا شرطت طلاق ضرتها أو أن لا يتسرى، أو أن لا يتزوج عليها، أو أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو أن لا يفرق بينها وبين أولادها أو أبويها أو أن ترضع ولدها الصغير أو شرطت نقداً معيناً تأخذ منه مهرها، أو شرطت زيادة في مهرها، صح الشرط، وكان لازماً، فليس للزوج فكُّهُ بدون إبانتها ويسن وفاؤه به، فإن خالفه فلها الفسخ على التراخي. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني