الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل الزائد دون اتفاق على أجرة هل يسوغ أخذ المال بغير إذن

السؤال

لدي صديق طلب مني أن أرسل له هذا السؤال راجياً التكرم بالرد عليه:
بسم الله الرحمن الرحيم...
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم...
أما بعد :
أعمل في شركة تجارية تعمل في مواد البناء والكهرباء، صاحب الشركة هو كفيلنا وبكل أمانة يظلم العاملين معه ولا يخاف الله فيهم وكثيراً ما يتحايل على قوانين مكتب العمل التي سنها ولي الأمر لحماية العمال وذلك بطرق كثيرة منها توقيع العاملين على عقود ظالمة نتنازل فيها عن كثير من حقوقنا مثلاً (تجديد الاقامات وتذاكر السفر والعلاج للأسرة وتأمين سيارة الشركة بحكم أننا نستخدمها كل ذلك علينا كما أنه لا توجد مكافأة نهاية الخدمة وهذا بالتحايل على قوانين مكتب العمل بإجبار العاملين على التوقيع على عقود كل سنتين حتى لا تصل لخمس سنوات ويكون لنا حقوق) والذي لا يوقع يهدد بالخروج النهائي ومعظم العاملين يوقعون مجبورين للظروف المادية الصعبة التي يعانون منها. هذا الأمر بصورة عامة مشكلتي أنا الشخصية كما يلي:
أعمل في هذه الشركة في وظيفة مندوب مبيعات براتب ثابت وعمولة شهرية على التحصيل وفي الفترة الأخيرة أضافوا لي أعمالا إضافية عهدة المستودع وحسابات الفرع باعتبار أني في الأصل محاسب مما اضطرني للعمل كثيراً للتوفيق بين الوظائف التي أقوم بها ورغم ذلك رفضوا أن يدفعوا لي أي مقابل مع العلم أن المحاسب الذي ترك العمل كانوا يدفعون له راتب 2200 ريال.
المشكلة الأكبر أننا لا نستطيع الشكوى لمكتب العمل وذلك بحكم تجربة البعض فبمجرد أن يعلموا بشكوى أحدنا يقومون بإيقافه من العمل والتبليغ في الجوازات بأنه هارب من الشركة مما قد يترتب عليه عقوبات قد تصل إلى السجن والأمثلة كثيرة فقد تطول الشكوي في مكتب العمل لسنوات والنهاية لا نأخذ حقا ولا باطلا وفي هذه الفترة نكون بدون عمل ولا دخل مما يعرضنا وأهلنا وأولادنا لمشاكل لا قبل لنا بها، أما المحاكم فلا تقبل أي شكوى وتحولها مباشرة لمكتب العمل.
للظروف المادية الصعبة الكثير منا وقع في ديون كثيرة وأصبح بين تسديد الديون وبين غلاء المعيشة والحاجة الماسة له ولأهله ومن نعولهم في بلادنا، حسبنا الله فيهم، ونفوض أمرنا لله فيهم فهم لا يخافون الله ولا يستمعون لأي تظلم، ومن خبرتنا معهم فمثال بسيط على عدم مخافة الله فهم يستوردون البضائع الصينية الرخيصة ويبيعونها على أنها صناعة وطنية بسعر أعلى والكثير من الغش في المواد التي تعرض.
نحن صابرون بحكم الحاجة، ولكن خوفنا من الوقوع في الحرام أسألكم بالله هل يحق لي أن آخذ أجر ما أقوم به من أعمال الموظفين الذين تركوا العمل بدون علمهم وأقوم أنا بواجبهم مع العلم أني أبلغتهم بضرورة إحضار بديل لهم من أكثر من سنة ونصف ولا حياة لمن تنادي وليس هناك أي استجابة من طرفهم بحكم أنهم يعلمون ظروفنا الصعبة وحاجتنا للعمل.
وللعلم فإن العمل الذي أقوم به أكثر من طاقتي حيث إني أقوم بعمل زائد على عمل المحاسب وأمين المستودع.
بارك الله فيكم وجزاكم خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ما ذكرت عن صاحب الشركة من ظلم وتعسف يخشى عليه منه أن يكون ممن شملتهم دعوة النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ رواه مسلم.

وما تقوم به شركته من غش بوصف بعض المواد بما لا تتصف به ترويجا لها عمل محرم، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليس منا. رواه مسلم.

لكن ننبهك إلى أن ما يتصف به الرجل مما ذكرت لا يسوغ أن يأخذ أي عامل من مال صاحب الشركة إلا ما يقتضيه العقد بينهما، فما يقوم به العامل من عمل زائد دون أن يتفق معه على أجرة لا يخول له أخذ شيء عليه لما في ذلك من أكل مال الناس بالباطل، وقد قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء: 29}.

وليس له من خيار إلا رفض تلك الأعمال التي لا تدخل في عقد عمله أو الاستقالة والبحث عن بديل أو الصبر على ظلم الرجل إلى أن يجعل الله له فرجا ومخرجا.

وللأهمية راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27080، 28871، 116294.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني