الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إلزام الموظفات بدفع مبالغ شهرية بدون وجه حق هو ظلم محرم

السؤال

نحن معلمات، وتطلب منا مديراتنا دفع مبالغ شهرية تصرف على ( تصليح ماكينة التصوير - أوراق التصوير - تزيين الفصول - رواتب عاملات نظافة - وأمور أخرى).
وهذه المبالغ ليس مطلوب منا دفعها من قبل إدارة التعليم، وإذا لم ندفع فإن بعض المديرات تسيء معاملاتنا أو تزيد الأعمال علينا، مقابل تخفيف الأعمال عمن تدفع من المعلمات، أو يقمن بإنقاص درجات الأداء الوظيفي الخاصة بنا، مما دفع بعض المعلمات إلى الدفع شهريا حتى لا تكون هناك مشاكل مع المديرات، وللحصول على ميزات أكثر . مع العلم أننا نخاف من تقديم شكوى عليهن حتى لا يزدن نكالا بنا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن على كل مسؤول استخلفه الله في مكان واسترعاه إياه أن يعلم أنه مؤتمن عليه، وأن واجبه حفظ الحقوق ودفع المظالم وأداء الأمانة في كل صغيرة وكبيرة، مما يدخل تحت إدارته ومسئوليته، وحق عليه أيضا أن يعامل أهل المكان من الموظفين والعمال بما يرضي الله سبحانه، فلا يترك لهم الحبل على الغارب، بحيث يفشو الإهمال وتضيع المصالح، وأيضا لا يكلفهم ما يعنتهم ويشق عليهم، فيجعل نفسه بذلك غرضا لسهام دعاء النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به. أخرجه مسلم.

وما تفعله هؤلاء المديرات من إلزامكن بدفع مبالغ شهرية بدون وجه حق هو من الظلم المحرم، ومن أكل أموال الناس بالباطل، وهذه -والعياذ بالله- هي صفات اليهود الذين قال الله عنهم: وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا {النساء: 161}، وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن هذا المسلك بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء: 29}.

فعليكن أن تنصحنهن فتخبرنهن بحرمة ذلك، وأن تمتنعن عن الدفع لهن حتى لا تكن عونا لهن على ما لا يجوز، فإن لم تكن هناك استجابة فعليكن برفع الأمر للمسئولين ولا يرهبكن تهديدهن أو كيدهن، فالمؤمن ينبغي أن يكون خوفه من الله وحده، ورجاؤه في الله وحده، قال سبحانه: فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ {المائدة: 44}، وقال: وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ {الأحزاب: 37}.

فلا داعي للخوف إذاً، فإن النفع والضر والعطاء والمنع كل ذلك بيد الله وحده، ومن توكل على الله كفاه، ودفع عنه كيد الكائدين وشر المؤذين. قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ {الحج: 38}.

ولتعلم الموظفات اللائي يدفعن مثل هذه الأموال طمعا في الحصول على بعض المميزات أن عملهن هذا من الرشوة التي هي من كبائر الذنوب، والتي لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعلها، وقد سبق بيان حكم الرشوة في الفتوى رقم:1713.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني