الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزوجية والمحرمية مانعة من الرجوع في الهبة

السؤال

لقد أهداني زوجي بعض أطقم الذهب قبل شهور وهو زوج طيب وخلوق ويخاف الحرام بشدة ويتحرى الحلال قدر مستطاعه، المهم أنه تبين الآن أنه كان ضحية عملية نصب كبيرة حيث شغل فلوسه مع رجل ولكنه ظهر أنه نصاب والأرباح التي وصلت لأضعاف رأس ماله وهو الآن بصدد إرجاع كل ممتلكاته الخاصة للحكومة لترجعها لأصحابها وقد طلب مني رد الهدية التي أهداني إياها ليسلمها للحكومة، ولكني رفضت ذلك باعتبار أنه بعد إهدائه لي أصبح الذهب من حقي ولا يملك التصرف فيه وهو في الأصل لما اشتراه لي كهدية وكان بمناسبة خاصة كان قد اشتراه مما كان يأخذه من الرجل على أنه أرباح وقد كانت في محل الحلال بالنسبة له والآن أنا لا أريد أن أرجع له الذهب وذلك لأننا الآن لا نملك ولا دولارا وحتى المصروف استدانه حتى لا يقع في الحرام كما أنه جعلني أستقيل من وظيفتي على أساس أرباحه التي تبين أنها وهمية وأنا سأعتبرها تعويضا لي عن خسارتي للوظيفة فهل أنا آثمة في ذلك أم أنني يجب علي إرجاعها ولا يجوز لي الاحتفاظ به علما بأن زوجي الآن يحاول استرداد ما يستطيع من هدايا وعطايا حتى من أمه وأخته وأخيه وأصحابه إذا كانت هدايا ذات قيمة, ولا يأبه بالإحراج ويقول إنه يريد أن يتحلل من كل ما يستطيع من هذا المال الذي ثبت أنه مال أناس آخرين كانت وضعت أموالها عند هذا الرجل النصاب.
وسؤالي الأساسي سيدي في ضوء ما سبق هل له الحق برد الهدايا التي أعطاها لي ولأهله وللآخرين, وهل عليه أصلا السعي في استردادها وهل يأثم من يرفض إرجاع هديته أوهبته له إذا اعلمه بمعطيات الوضع؟
وبارك الله فيكم...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يحق لزوجك أن يسترجع هذه الهبات التي وهبها لك ولأهله؛ لعموم الأدلة القاضية بالمنع من رجوع الواهب في هبته، لقوله صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه، ليس لنا مثل السوء. متفق عليه.

وهذا مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة، وأما الأحناف فإنهم وإن قالوا بصحة رجوع الواهب عما وهبه مع الكراهة بشرط أن يكون ذلك بتراض أو حكم حاكم إلا أنهم جعلوا الزوجية مانعا من جواز الرجوع، جاء في البحر الرائق: أي الزوجية مانعة من الرجوع ( في الهبة) لأن المقصود فيها الصلة أي الإحسان كما في القرابة. انتهى.

وكذا هبة الشخص لرحمه المحرمة فإنها من المواطن التي لا يجوز فيها الرجوع عندهم، جاء في العناية شرح الهداية: وإن وهب هبة لذي رحم محرم منه فلا رجوع فيها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: إذا كانت الهبة لذي رحم محرم منه لم يرجع فيها، ولأن المقصود فيها صلة الرحم وقد حصل. انتهى.

فبان بهذا أنه لا يحل لزوجك الرجوع فيما وهبه لك ولا فيما وهبه لأرحامه عند أصحاب المذاهب الأربعة، وما وقع عليه من احتيال لا يسوغ له الرجوع لأنه وقت تصرفه في الهبة كان أهلا للتصرف وصادف تصرفه محله فلم يجز له الرجوع.

ولكنا مع ذلك ننبه على أمرين:

الأول: يستحب لك أن تعطيه ما سأل وأن تبذلي له هبته هذه لأنه في موطن حاجة وفاقة وضيق وكرب، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

الثاني: لا يصح أن تجعلي هذه الهبة عوضا عما منعك منه من العمل لأن عمل المرأة وخروجها من البيت لا يجوز إلا بإذن الزوج، فلو منعها فليس لها مخالفته ولا يجوز لها أن تطلب على ذلك عوضا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني