الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحد المسموح به في الدعاء على الظالم

السؤال

ما حكم من يظلمك، وبعد ذلك يطلب منك السماح، فتسامحه بلسانك ولكن من القلب تدعو عليه، نتيجة الأضرار التي لحقت بك من الظلم، ومن إنسان يقرب لك لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وبعد الظلم يقولون إنك صابرة -أستغفر الله.-لا أريد منكم جزاءا ولا شكور، أنا حقيقة مقهورة .
يا رب فرج همي، وهم المهمومين من المسلمين -وأستغفرالله العلي العظيم- أنا لا أقدر على أن أسامح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد حرم الله ظلم المسلم وأذيته بغير حق، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا {الأحزاب:58}، وجعل الله الحق للمظلوم أن يقتص من ظالمه بدون تعد، وأباح له أن يدعو عليه بقدر جنايته، وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 22409.

ولكنه رغبه في العفو، ووعده عليه بالأجر العظيم، قال تعالى: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}.

فإذا كنت تقصدين بأنك تدعين عليه من القلب: أن دعائك عليه باللسان مع موافقة القلب، فاعلمي أن الدعاء على الظالم لا يجوز بأكثر من مظلمته، كما أنه نوع انتصار منه، قال الإمام أحمد: الدعاء قصاص. وقال: فمن دعا فما صبر. أي فقد انتصر لنفسه. وانظري لذلك الفتوى رقم: 70611.

وقد حرض الشرع المؤمنين على مقابلة الإساءة بالإحسان، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.

فالذي ننصحك به هو العفو عن هذا الإنسان، وخاصة أنه جاء معتذراً، يطلب السماح وليس من خلق الكرماء أن يردوا من جاء معتذراً، بل إن ذلك من مساوئ الطباع، ووردت أحاديث تدل على وقوعه في الإثم بذلك.. وانظري الفتوى رقم: 48026.

واعلمي أن في العفو خيراً لك وله، وفي ترك العفو ضرر له، وليس لك فيه نفع، وانظري لذلك الفتوى رقم: 5338.

وإياك أن يغرك الشيطان ويصور لك أن العفو نوع من الضعف وأنه يطمع فيك الناس، فالصحيح أن العفو يزيدك عزاً وكرامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً.

كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {النور:22}، وللفائدة انظري الفتوى رقم: 27841.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني