الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز العلاج بالطاقة للضرورة

السؤال

أنا فتاة من تونس عمري 30 سنة، ومنذ 13عاما وأنا أعاني من السحر، فقد سحرني يهودي بأنواع شتى من السحر، ومنذ 10 سنوات الأخيرة أصبت بتلبس وأنواع أخرى لم أجد لها دواء، رغم أني أحافظ على الصلوات الخمس، و أقرأ القرآن وآيات الشفاء من السحر باستمرار، و أتجنب المعاصي، وكنت كلما تقدم لخطبتي شاب إلا وشعرت بالحزن الشديد و كنت أبكي. وهذه السنة أصبحت لا أذكر و لم أعد أفكر بطريقة منطقية، ولا أجد الكلمات للتعبير، فكأنما محوت من ذاكرتي، وشارفت على الجنون، إذ خيل لي أن إخوتي تم قتلهم، وكنت أسمع صراخهم عندئذ ذهبت إلى أحد الأخصائيين النفسانيين، فأعلمني أني مصابة بالسحر وبعجز جنسي، و يجب أن أتزوج، وكان خبيرا في علم الطاقة، وقد تحسنت حالتي وأصبحت أشعر بخفة وأنام في الليل وأنهض باكرا إذ كان يحدث معي العكس، وأصبحت أشعر أن لي عضلات إذ كنت أشعر أني قطعة واحدة من خشب أو من حجر و لا أستطيع أن أمشي بيسر إذ إن رجلي ملتصقتان من أعلى، وكذلك كتفاي وسائر بدني، وعادت إلي روحي إذ تم خنقي من قبل الجان، ربما يكون كلاما لا يصدق، ولكن ذلك ما حدث، ولكن علمت أخيرا أن العلاج بالطاقة حرام، وكان العلاج عبارة عن قراءة سورة البقرة، مضافة لها طاقة، كل يوم، وشرب الماء المقروء عليه سورة البقرة والاغتسال به إضافة إلى 7 ورقات من السدر والمشي يوميا و ممارسة الرياضة، وأشعر أن هناك جسما آخر بداخلي إضافة إلى أحاسيس عندما أنام، إذ أشعر بحنان وعطف وحب فياض وبأن هناك من يعانقني عندما أضع يدي كشكل العلامة على صدري، كما طلب مني المعالج أن أفعل ثم أشعر و أرى شفتي تتحركان ، القبل، وأريد أن أتحسس جسمي بيدي، ثم يكون القيء، وخروج لعاب أشياء مكورة أحس بها ولا أراها إذ أشعر أن هناك إبرا تألم بحلقي قد خرجت، إضافة إلى انتفاض أحد أطرافي أو كامل جسمي، وأصبحت أحس بالجوع إذ كنت لا أريد أن آكل أو أشرب، وهذه الأيام أصبحت أشعر برغبة في الرقص والتلوي والتعري إلى أن أشعر بالقبل التي تجعلني طريحة الفراش، أظنه الجماع، ثم ولوج شيء في فرجي ،ثم يكون القيء، وخروج لعاب وأشياء مكورة أحس بها ولا أراها، وانتفاض أحد أطرافي أو سائر بدني، وكل ذلك وأنا بمفردي. لقد تحسنت صحتي كثيرا كثيرا ومازالت مدة العلاج 4 أشهر أخرى، و لازلت أشعر أن هناك سحرا بمعدتي و أريد أن أشفى، ولكن على ما يبدو فإن هذه الطريقة محرمة. أفيدوني من فضلكم هل تعتبر هذه ضرورة؟ هل أواصل العلاج للضرورة؟ حفاظا على نفسي من الجنون. هل أتزوج أي شخص بغض النظر عن إيمانه ومصدر رزقه؟ وهل سيكون أبا صالحا لأولادي أم لا؟.علما أن أبي يدعوني لخلع الحجاب و التسكع في الشارع عله يأتي من يرغب الزواج في بي، وقد رفض أن يعرض زواجي على بعض الأشخاص إذ إنه ينكر ذلك وأمي متوفاة. لقد كنت أقرأ يوميا القرآن، و لكني لم أشف رغم صدق توكلي. أفيدوني أعزكم الله وثبت أجركم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويعافيك مما نزل بك من الضر، وأن يجعل هذا البلاء تكفيرا لسيئاتك ورفعا لدرجاتك، واعلمي أيتها السائلة أن ما يسمى بالعلاج بالطاقة محرم، وقد سبق بيان حكمه وحقيقته في الفتوى رقم: 8055.

ولا يجوز لك الاستمرار في ذلك تحت مسمى الضرورة حتى لو فرضنا أنه من سبل العلاج؛ لأن من شروط استعمال المحرم للضرورة أن يتعين طريقا لدفع الضرر، ولم يتعين هذا طريقا، بل إن ما شرع الله من التداوي بالرقى الشرعية والأدعية المأثورة فيه غنية عن هذه الأباطيل وتلك الترهات، وقد سبق في الفتوى رقم: 5252، والفتوى رقم: 2244، بيان الرقية الشرعية وطرق العلاج من السحر.

وننصحك في مثل حالتك هذه أن تراجعي بعض الذين لهم خبرة في العلاج بالقرآن الكريم والرقية الشرعية، ونوصيك بقراءة كتاب (فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين) لمؤلفه عبد الله الطيار فهو كتاب جيد قدم له فضيلة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى.

أما بخصوص الزواج فلا تقبلي إلا بصاحب الخلق والدين، حتى ولو خالفك أبوك في ذلك، إذ لا عبرة بكلامه وأمره في معصية الله، وكذا لا يجوز لك أن تطيعيه فيما يأمرك به من نزع الحجاب والخروج إلى الشارع للتعرف على الشباب، فهو والله في هذا ما يأمر إلا بالشر والفساد، فحسابه على رب العباد، يوم يؤتى بالكتاب والأشهاد.

وأما ما ذكرت من رفضه أن يعرضك على بعض الأشخاص للزواج فيمكنك أن تطلبي هذا من غيره من أرحامك، فإن لم يتيسر فيمكنك أن تعرضي أنت نفسك على من تظنين به الدين والخلق والصلاح ليتزوجك.

واعلمي أيتها السائلة أن التوبة إلى الله واستغفاره وترك الذنوب والمعاصي لهو من أعظم أسباب الشفاء والنجاة من كربات الدنيا وهمومها وأحزانها، فقد قال الله سبحانه: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ {هود : 3}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني