الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من الحلف على خلاف العلم

السؤال

هل يجوز للمسلم أن يقسم على المصحف الشريف لإظهار حقه في مسألة.
القصة: لي أخت تقول امرأة عمها إنها أرضعتها، فتقدم ابنها للزواج بها، فقالت له: إنها أرضعتها مرة أو اثنتين من المغرب إلى الصبح .
فلم توافق أختي على هذا الزواج، لكن أباه توجه -على حد قوله- إلى أئمة للإفتاء في أمر الرضاعة، فقالوا له أنه يجوز الزواج. فتمت الخطبة ونسينا أمر الرضاعة، وبعد 10 سنوات خطبة بعد إكمال دراسته الثانوية و الجامعية تزوجت أختي من ابن عمها، وبعد عام من الزواج تم إعادة مسألة الرضاعة . فتوجه السيد إلى مفتي الديار التونسية برسالة، فأجابه: أنه في المذهب المالكي يحرم الزواج .
فقلت له توجه إلى القضاء لرفع قضية في الطلاق و لكل فرد أن يأخذ حقه .
فقال لي إنه ليس لها حق النفقة في أي شيء، ويجب أن نطلق بالتراضي، فلم نرض، وبعد محكمة طويلة أنصف القانون أختي بما أنها تم الدخول بها يجب أن تأخذ كل حقوقها المدنية و الشرعية، إلا أنه ما راعنا إلا أن طلب القسم على أختي بما أنها تعرف مسألة الرضاعة قبل الزواج ليطلقها من غير فلس على حد قوله .
لكن سيدي أختي تعرف مسألة الرضاعة، ولكن لا تعرف أنه أخوها من الرضاعة ،ولا تعرف هل ستتزوج به .
سيدي هل يجوز أن تحلف بأنها لا تعرف مسألة الرضاعة لإظهار حقها؟ وإذا أمكن أن تجيبوني بأسرع وقت ممكن، لأنه سيتم القسم يوم 11/03/2009.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الجمهور من العلماء على أن شهادة المرضعة وحدها على الرضاع لا تكفي في إثبات التحريم، ومن اعتبر أن شهادتها كافية في إثبات التحريم فقد اشترط أن تكون على يقين من أمر الرضاع، وأن لا تكون متهمة في شهادتها، وقد سبق ذلك في الفتوى رقم: 28816.

وكذا فقد وقع خلاف بين العلماء في عدد الرضعات المحرمة سبق ذكره وذكر ما نرجحه في الفتوى رقم: 4496، والفتوى رقم: 64100، والفصل في القضايا الخلافية مرجعه القضاء، فما دمتم قد احتكمتم إلى القضاء الشرعي فلا مجال للفتوى الآن.

أما بخصوص الحلف فما دامت أختك كانت على علم بأمر الرضاعة قبل الزواج فلا يجوز لها أن تقسم على المصحف أنها لم تكن تعلم، فإن فعلت فيمينها يمين غموس وهي من كبائر الذنوب، ففي البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس.

واليمين الفاجرة يعجل لصاحبها العقوبة الشنيعة في الدنيا قبل الآخرة، ففي الحديث الذي رواه البيهقي وصححه الألباني: ليس شيء أطيع الله تعالى فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم، وليس شيء أعجل عقابا من البغي وقطيعة الرحم، واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع. جاء في شرح السنة للإمام البغوي معناه: أن الله سبحانه وتعالى يفرق شمل الحالف، ويغير عليه ما أولاه من نعمه، وقيل: يفتقر ويذهب ما في بيته من المال. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني