الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الخلع بسبب ظلم الزوج وإهانته وأذاه

السؤال

لي زوجة وتريد الخلع لأنها مريضة، ولا تقدر على العشرة الزوجية، وتحمل مسؤوليات البيت، وفوق ذلك أنني دائم شتمها وإهانتها وهي مريضة بارتفاع ضغط الدم، حتى أنه مرة أصابها جلطة بالصدر بسببي. فهل يحق لها ذلك؟ وحضانة الأطفال لمن تكون؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

اعلم أيها السائل أنك قد عصيت ربك وظلمت نفسك وزوجك وولدك بما تقوم به من ظلم هذه الزوجة المسكينة، حتى أصابها من جراء ظلمك ما أصابها من المرض، وإنا لنحذرك عاقبة الظلم والبغي، فإن هذا مما يعجل الله عقوبته لصاحبه في الدنيا مع ما ينتظره من العذاب والخزي يوم يقوم الناس لرب العالمين، ففي الحديث الذي رواه البيهقي وصححه الألباني: ليس شيء أطيع الله تعالى فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم، و ليس شيء أعجل عقابا من البغي و قطيعة الرحم، واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة. أخرجه أحمد وغيره وصححه الألباني.

واعلم أن فعلك هذا من كبائر الإثم والفواحش التي يخشى على صاحبها من سوء الخاتمة والعياذ بالله، جاء في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر: الكبيرة الحادية والخمسون الاستطالة على الضعيف والمملوك والجارية والزوجة والدابة، لأن الله تعالى قد أمر بالإحسان إليهم بقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا. انتهى

أما بخصوص ما تطلبه هذه الزوجة من الخلع فهذا من حقها ولا شك، بل من حقها طلب الطلاق حتى تأخذ كامل حقوقها، فقد ذكر العلماء أن استطالة الرجل على زوجته بغير حق مما يبيح لها طلب الطلاق، بل قد نص بعض العلماء أنه يحق لها ذلك ولو اعتدى عليها مرة واحدة لم تتكرر، قال خليل: ولها التطليق بالضرر ولو لم تشهد البينة بتكرره. انتهى. بل ويؤدب الزوج زيادة على ذلك.

قال الدردير في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت الملعون، كما يقع كثيرا من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر، وكوطئها في دبرها. انتهى.

أما بخصوص حضانة الأولاد فإنها أحق بها ما داموا لم يبلغوا سن السابعة إلا أن تتزوج فعند ذلك تسقط حضانتها وتنتقل لمن بعدها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني