الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فسر أهل كل عصر القرآن كله حسب فهمهم وبما يناسبهم

السؤال

هل تم تفسير القرآن الكريم من قبل المفسرين؟ أم يوجد آيات لم يتم تفسيرها كما يجب؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن التفسير المقصود منه توضيح كلام الله تعالى وبيان المراد منه، وهذا التوضيح والبيان يختلفان باختلاف الناس وأزمنتهم وأمكنتهم واهتمامهم وتخصصاتهم.. والقرآن الكريم هو خاتمة وحي السماء الذي ليس بعده وحي، ولذلك فإن كل عصر وكل أهل تخصص يكتشفون تفسيراً جديداً لبعض الآيات التي قد فسرت قبل ذلك بما يتناسب مع الزمان والمكان الذي فسرت فيه، وذلك لأن القرآن نزل بلغة العرب، وهي لغة واسعة، وعباراتها تحمل أوجهاً عدة، وعبارات القرآن تحمل معاني كثيرة وأوجهاً متعددة، وقد نقل الشوكاني في تفسيره عن عدد من السلف عبارات تدل على هذا المعنى، فمن ذلك قول علي رضي الله عنه: القرآن حمال ذو وجوه. وقول أبي الدرداء: لا تفقه كل الفقه حتى ترى القرآن وجوهاً.

وذلك دليل على إعجاز القرآن الكريم وصلاحه لكل زمان ومكان، وأنه كلام الله الذي لا تنقضي عجائبه، وأنه كتاب هداية يجد فيه الجميع ما يدلهم على طريق الحق، وكمثال على ذلك فقد فسر الأقدمون قول الله تعالى: ويخلق ما لا تعلمون. بقولهم: ويخلق ربكم مع خلقه هذه الأشياء التي ذكرها لكم ما لا تعلمون، ومما أعد في الجنة لأهلها، وفي النار لأهلها، مما لم تره عين ولا سمعته أذن ولا خطر على قلب بشر. وقيل: من أنواع الحشرات والهوام في أسافل الأرض والبر والبحر مما لم يره البشر ولم يسمعوا به. انظر تفسير الطبري والقرطبي.

وبما أن الآية جاءت في سياق تعداد نعم الله تعالى على الإنسان بالمراكب ووسائل النقل والاستمتاع بجمالها... فقد فسرها المعاصرون بأنواع المراكب ووسائل النقل التي ظهرت في العصور الحديثة والتي لم يكن يعلمها الأقدمون ومن نزل عليهم القرآن.. وبداية الآية قول الله تعالى: وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا... {النحل:5}، إلى قوله تعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:8}، وكلا التفسيرين صحيح، وعموم الآية يقتضي ذلك وغيره مما يحتمله اللفظ، ولهذا لا يمكن أن نقول إن القرآن الكريم قد تم تفسيره كله تفسيراً نهائياً بحيث لا يمكن أن يفهم غير ما ذكر سابقاً في هذا العصر أو في المستقبل، ما دام ذلك وفق الضوابط التي ذكرها أهل العلم بالتفسير، كما أشرنا سابقاً.. ومع ذلك فلا شك أن كل أهل عصر قد فسروا القرآن الكريم كله حسب فهمهم وبما يناسبهم، والدليل على ذلك هذا الكم الهائل من كتب التفسير في كل عصر وكل مصر.. وقد صح عن التابعي الجليل مجاهد أنه قال: عرضت القرآن على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته ثلاث عرضات أقف عند كل آية اسأله فيم أنزلت وفيم كانت. رواه الدارمي والحاكم.. وقال الذهبي: على شرط مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني