الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج بنية أن يطلق إذا وجد صعوبة في الاستمرار

السؤال

أردت أن أتزوج امرأة سراً عن زوجتي, وأولادي، وكل عائلتي، وإنما بنية الطلاق في حالة وجدت صعوبة في الاستمرار معها، قرأت كثيرا في المواقع الإسلامية عن الزواج بنية الطلاق، وما استطعت أن أجد الجواب الذي تكون فيه راحة ضميري الديني، وأردت أن أغير هذه النية وأصبحت سجينا لها، أي أقول لنفسي ليس علي أن أتحايل مع الله, لا أعرف إن كنت على صواب أو ما هو إلا الوسواس؟ ولا أعرف إن كان هذا الزواج بنية الطلاق زنا عند الذين قالوا لا يجوز, وأصبح هناك خلط في مخي عن كل الفتاوى التي قرأتها في مواقع أهل السنة وأنا سني, حتى الشك في الفقه أو الفقهاء داخل نفسي. لا أريد أن أفعل شيئا يغضب الله, أفتوني أيها العلماء والشيوخ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فابتداء ننبهك إلى أن ما تريده من الزواج وأنت تنوي الطلاق إذا لم توافقك زوجتك، ولم تستقم لك أحوالها مباح ولا حرج فيه، وليس هذا من الزواج بنية الطلاق, جاء في الإنصاف وهو يمثل للأنكحة المباحة: كما لو نوى إن وافقته وإلا طلقها. انتهى.

أما ما أصابك من تشتت واضطراب بسبب ما قرأت من فتاوى في شأن الزواج بنية الطلاق، فإنا نلخص لك مذاهب العلماء مع الترجيح فنقول: الزواج بينة الطلاق محل خلاف بين أهل العلم وخلاصة المذاهب فيه ثلاثة:

الأول : الجواز وإليه ذهب الجمهور.

الثاني: المنع فإذا وقع العقد كان فاسدا وهو المشهور عند الحنابلة, وقد أخذت بذلك اللجنة الدائمة وبالغت فعدته من زواج المتعة المتفق على تحريمه, جاء في فتاوى اللجنة:

الزواج بنية الطلاق زواج مؤقت، والزواج المؤقت زواج باطل؛ لأنه متعة، والمتعة محرمة بالإجماع، والزواج الصحيح: أن يتزوج بنية بقاء الزوجية والاستمرار فيها، فإن صلحت له الزوجة وناسبت له وإلا طلقها، قال تعالى: { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }. انتهى .

الثالث: المنع وإذا وقع العقد كان صحيحا مع الإثم, وهذا هو الرأي الوسط المفتى به عندنا كما في الفتوى رقم: 55939.

ووجه ذلك :أنه لما اشتمل على الغش والخداع للمرأة وأوليائها كان محرما, ولما وقع العقد مستوفيا للأركان والشروط كان صحيحا، ومجرد النية لا تؤثر في ذلك.

أما سؤالك عن كونه زنا عند المانعين له فنقول: من عدّه باطلا فإنه لا يحل به الاستمتاع، ولكن لا يعد زنى يوجب الحد لما فيه من الشبهة، لأن النكاح لم ينعقد أصلا فصارت علاقة الرجل بالمرأة محرمة.

أما من حكم بصحته مع الإثم فلا يكون هذا من الزنا لأن العقد قد وقع صحيحا، وترتب عليه آثار العقد الصحيح من جواز الاستمتاع وغيره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني