الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما معنى قتل صبراً ؟ وهل تقال فقط على أصحاب النبى صلى الـلّه عليه وسلم أم يمكن أن تقال على المشركين أيضاً ؟فقد قرأت أن النضر بن الحارث كان من أشراف قريش وقد قتل صبراً فى غزوة بدر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكأن السائل الكريم فهم من إضافة القتل للصبر مدحا لصاحب هذه القتلة، وليس الأمر كذلك، فقتل الصبر هو أن يمسك من ذوات الروح بشيء حيا ثم يرمى بشيء حتى يموت، وكل من قتل في غير معركة ولا حرب ولا خطأ فإنه مقتول صبرا، كذا في عون المعبود.

وقال ابن الأثير في جامع الأصول: صبرت القتيل على القتل: إذا حبسته عليه لتقتله بالسيف وغيره من أنواع السلاح وسواه، وكل من قُتل أيَّ قِتلة كانت إذا لم يكن في حرب ولا على غفلة ولا غِرة فهو مقتول صبرا. اهـ.

فالصبر هنا وصف لطريقة القتل لا للمقتول نفسه، فليس في الوصف بالقتل صبرا مدح حتى يختص بالصحابة رضي الله عنهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: لا يقتل قرشي صبرا بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة. رواه مسلم.

قال النووي: قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ الْإِعْلَام بِأَنَّ قُرَيْشًا يُسْلِمُونَ كُلّهمْ, وَلَا يَرْتَدّ أَحَد مِنْهُمْ كَمَا ارْتَدَّ غَيْرهمْ بَعْده صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ حُورِبَ وَقُتِلَ صَبْرًا, وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ ظُلْمًا صَبْرًا, فَقَدْ جَرَى عَلَى قُرَيْش بَعْد ذَلِكَ مَا هُوَ مَعْلُوم. اهـ.

ويدل على ذلك ما ذكر في السؤال من حال النضر بن الحارث، فقد قتل يوم بدر صبرا مع اثنين آخرين من المشركين،هما: عقبة بن أبي معيط و طعيمة بن عدي.

وعن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة. فقال: اقتلوه. متفق عليه.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني