الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يؤخر الزواج لأجل خوف عقوق الأبناء

السؤال

من الأسباب التي تجعلني أؤخر الزواج والدي، وكم أنا محتاج له والله عليم ..إني لا أجد مودة الأبناء لأبي مطلقا، وأحب أمي حباً الله أعلم به... لأنها أحبتنا أجنة وآوتنا صغاراً وأكرمتنا كباراً. لم نر منها أبدا ثم أبدا غلظة، ربتنا وهي لا تعبأ بأنها إنسانة وقاست هموم الدنيا، حتى أنها أصيبت بمرض نفسي... شفاها الله وسائر أمهات المسلمين. وكان أبي في زواجه بالأولى والثانية... وقليل من صلاته، لأن الناس شنعوه أو عنفوه، فأصبح مكانه خالياً. فإني أخاف أن يكون فى قلوب ابنائي فراقا كما في قلبي لأبي إن قدر الله لي ابنا، حيث أن هذه المشاعر لا أستطيع منعها.أفيدونا أفادكم الله تعالى.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فيظهر من سؤالك أنك تجد في نفسك نفرة من والدك لا تستطيع دفعها، والسبب هو شعورك أنه قصر في تربيتك وتربية إخوانك، وكان قليل الصلة لكم ولأمكم، حتى أن الناس شنعوا عليه وعنفوه لذلك.
وأنك تريد تأخير الزواج خشية أن يقع بينك، وبين أولادك نفرة كما وقع بينك وبين أبيك.
والحل لما أنت فيه أن تعلم أن حق والدك عليك عظيم، فيجب عليك طاعته، وحبه كما تحب نفسك، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وإذا كان هذا في عامة المسلمين، فكيف بالوالد.
ويجب عليك وجوباً مؤكداً الإحسان إليه بالقول والعمل، يقول الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الإسراء:23-24].
وعليك أن تجاهد نفسك بقدر ما تستطيع لدفع ما تجده في نفسك من نفرة تجاه والدك.
وعليك أن تسأل الله عز وجل بصدق وإخلاص أن يؤلف بينك وبين والدك، لأن حقيقة التأليف بين القلوب منة من الله، يقول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [لأنفال:62-63].
والله تعالى أمر بالعفو والصفح عمن أخطأ، فكيف إذا كان الخطأ من الوالد.
وإذا رأيت خطأ في المستقبل فحاول أن تنصح والدك وترشده برفق وحكمة، وحاول أن تكون أداة إصلاح بين والدك ووالدتك وإخوانك، فإذا فعلت ذلك، فحينئذ يزول ما بينك وبين والدك إن شاء الله، ولا ينبغي لك تأخير الزواج - ما دمت محتاجاً إليه وقادراً عليه - خوفاً من وقوع نفرة بينك وبين أولادك، لأن هذا ربما كان كيدا من الشيطان، ليصرفك عن المباح ويوقعك في الحرام.
نسأل الله عز وجل أن يؤلف بين قلوبكم ويصلح ذات بينكم إنه على كل شيء قدير.
وراجع الجواب رقم: 3459، 1249، 1894، 2124، 2195، 3990.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني