الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشترى شريكه نصيبه ثم حكما شخصا فألغى البيع

السؤال

لدي شريك في عقار تجاري، وقد أبدى هذا الشريك رغبته في إنهاء الشراكة، وبعد إصراره وافقت على ذلك، فقام بتحديد السعر من قبله، وقال: عليك أن تختار، وكان ذلك أمام عدد من الشهود، فاخترت البيع، وذلك حسب السعر المطروح، وبعد أن باركت له بذلك، وذهب إلى بيته، فوجئت به يتصل هاتفيًا ليخبرني بأنه لا يريد الشراء، وأنه تراجع عن ذلك.
وبعد فترة اختار هو أحد الأشخاص ليحكم في القضية حكم الشرع، فوافقت أنا على ذلك، وبعد عرض القضية عليه، قال: بأن عملية البيع لم تتم، وبذلك تبقى الشراكة كما هي.
وبعد اطلاعي على كتب الفقه، وجدت الأمر على غير ما حكم به، فقمت بالاتصال بالشبكة الإسلامية، ومن ثم سألت مفتي البلاد، فكان الجواب من الجميع، بأن عملية البيع قد تمت، ولا يجوز للشريك التراجع إلا إذا تمت إقالته من طرفي.
لذا فسؤالي هنا: هل يجوز رفض قرار القاضي الذي حكم بيننا، واللجوء إلى غيره بعد ما تبين لنا أنه مخالف للشرع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان الأمر كما ذكرت من عرض شريكك لشراء نصيبك بسعر محدد وقد قبلت وباركت له في الصفقة، ولم يبد اعتراضًا حتى انفض المجلس، وذهب إلى أهله، فالبيع صحيح لازم، وليس له التراجع عنه إلا إذا أقلته.

لأن البيع منوط بالرضا، وقد تم التراضي بينكما في مجلس العقد، فلا ينفعه ندمه بعد ذلك، ولا يؤثر في صحة البيع ولزومه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.. متفق عليه.

وأما ما حكم به من تحاكمتما إليه، فلا ندري وجه حكمه؟ وهل هو قاض ترافعتما أمامه أو حكم اتفقتما عليه؟ وهل يصلح للتحكيم من حيث العلم والعدالة إليه؟ وهل بنى حكمه بعدم تمام البيع على رأي فقهي وقول معتبر، فيلزم الأخذ به، لأن حكم القاضي يرفع الخلاف، أم هو مجرد مفت عرضتما عليه المسألة فأفتى بما ظهر له؟ فلا يلزم الأخذ بفتواه.

لكن ننبه إلى أن القاضي إنما يقضي بناء على ما يسمع من الخصوم، وقد يكون أحد الخصمين أبلغ من الثاني، وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها رواه البخاري. ومثله في ذلك المفتي.

فحكم القاضي وفتوى المفتي إنما تكون بحسب الظاهر، وما يفهم من حجج الخصوم، وسؤال المستفتين، فلا عذر فيها أمام الله لمن يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما حكم له به أو أفتي.

وللفائدة انظر الفتاوى التالية: 5592، 48130، 20210.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني