الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النية لا اعتبار لها إذا طلقت المرأة نفسها بلفظ صريح

السؤال

جزاكم الله خيرا، لقد أجبتم على سؤالي السابق برقم: 2230313 وعندي ملاحظة وهي: لقد ذكر فضيلة الشيخ أن الطلقة الأولى قد وقعت من التفويض ولم يتطرق إلى النية حيث إننى عندما سألتها عن نيتها قالت لي إننى لم أنو الطلاق فعلا. وأريد أن أذكر أيضا أن هذا حدث عن طريق المراسلة بالشات، وكانت قد حدثت بيننا خلوة شرعية، قبل هذا كله. فهل بعد أن اتضحت هذه التفاصيل لسيادتكم يكون الطلاق واقعا وبائنا.فالأمر جد خطير، وإنى أخشى أن أقع في الحرام. وشكرا على اهتمامك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أجبناك في السؤال السابق بناء على ما ورد فيه من قولك:( فهل إذا اختارت الطلاق يعتبر هذا طلاقا واقعا؟). ثم إنك لم تذكر بذلك السؤال أنها لم تنو الطلاق بذلك الاختيار، وإنما قلت:( مع العلم أيضا أنها رجعت في كلامها في نفس الوقت) وهذا لا تعلق له بالنية، علما بأن النية لا اعتبار لها، إذا طلقت نفسها بلفظ صريح.

وعلى فرض أنها لم تنو الطلاق، وأن لفظ الطلاق لم يكن صريحا في اختيارها لنفسها، فقد اختلف الفقهاء في إذا كان ذلك يعتبر كناية في حق الزوجة بحيث تعتبر فيه نيتها أم لا.

قال ابن قدامة في المغني: وقوله : أمرك بيدك . وقوله : اختاري نفسك كناية في حق الزوج، يفتقر إلى نية أو دلالة حال، كما في سائر الكنايات، فإن عدم لم يقع به طلاق؛ لأنه ليس بصريح، وإنما هو كناية، فيفتقر إلى ما يفتقر إليه سائر الكنايات. وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي . وقال مالك : لا يفتقر إلى نية؛ لأنه من الكنايات الظاهرة، وقد سبق الكلام معه فيها. وهو أيضا كناية في حق المرأة، إن قبلته بلفظ الكناية. وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة : لا يفتقر وقوع الطلاق إلى نيتها، إذا نوى الزوج؛ لأن الزوج علق الطلاق بفعل من جهتها، فلم يفتقر إلى نيتها، كما لو قال: إن تكلمت فأنت طالق فتكلمت، وقال: لا يقع إلا واحدة بائن. وإن نوت ثلاثا؛ لأن ذلك تخيير، والتخيير لا يدخله عدد كخيار المعتقة. ولنا أنها موقعة للطلاق بلفظ الكناية، فافتقر إلى نيتها كالزوج . وعلى أنه يقع الثلاث إذا نوت أن اللفظ يحتمل الثلاث؛ لأنها تختار نفسها بالواحدة وبالثلاث. فإذا نوياه وقع كقوله : أنت بائن. اهـ.

والقول باعتبار نية الزوجة أقرب إلى الصواب، فيكون اللفظ غير الصريح كناية في حقها فلا يقع به الطلاق إلا إذا نوته. وأما الطلاق بالكتابة فهو من كنايات الطلاق فلا يقع به الطلاق إلا مع النية. وراجع الفتوى رقم: 53312.

وبخصوص الخلوة الشرعية، فإن وقعت فعلا فلها حكم الدخول، فعلى تقدير وقوع طلاقها باختيارها، فالطلاق يقع واحدة رجعية يملك الزوج به رجعتها، كما بينا بجواب سؤالك السابق. وانظر الفتوى رقم: 43479.

وعلى تقدير أن الطلقة بائنة، أو أن العدة قد انقضت بدون رجعة، فإن للزوجين أن يتراجعا بعقد جديد تتوفر فيه جميع شروط صحة النكاح من ولي وشاهدين وصيغة ومهر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني