الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الجمع بين زوجتين في سكن واحد

السؤال

أنا الزوجة الثانية وأسكن بجوار ضرتي، أشعر بأن هذا السكن غير شرعي لقرب المسافة، فإذا تكلمت مع زوجي فهي وأبناؤها يسمعوننا، وحتى دخولي الحمام تحسبه، وأنا لا أريد تجريح مشاعرها، وتحدثت إلى زوجي كثيرا، ولكنه لا يريد تحسين الفواصل بين المنزلين، وحتى لا أحس بها ولا تحس بي فيخفف ذلك من غيرتها، أنا غير مرتاحة لهذا الوضع وأخشى أن يعاقب الله زوجي بعدم راحتي النفسية في هذا السكن. فما هو حكم الشرع في السكن عند تعدد الزوجات؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الواجب على الزوج أن يسكن زوجتيه في مسكن لائق بحالهما، وأن يكون ذلك على وفق العرف، فإن كانت له زوجة ثانية فلا يجوز له أن يجمع بينهن في مكان واحد إلا برضاهما، ولكن عليه أن يجعل لكل واحدة مسكنها اللائق بها بحيث لا تشاركها الأخرى ولا تطلع على خصوصياتها، لأن ذلك مما يسبب الغيرة، ويشعل نار الخلاف بينهما.

جاء في شرح البهجة الوردية: لكن المراد بالمسكن ما يليق بالمرأة من دار وبيت وحجرة، فاللواتي يليق بكل واحدة منهن دار لا يجمعهن في دار، واللواتي يليق بكل واحدة منهن حجرة لا يجمعهن في حجرة وهكذا، وإذا جمعهن في حجر فلا بد أن يكون مرافق كل غير مرافق الأخرى. انتهى.

وجاء أيضا في شرح البهجة الوردية : ولتجمعا ـ أي : الزوجتان جوازا ولو دون الرضى منهما في مسكن لائق بهما منفصل المرافق من نحو مستراح وبئر وسطح ومرقى إليه، لأنه كالمسكنين فإن لم ينفصل مرافقه لم يجز جمعهما فيه، ولو ليلة إلا برضاهما. انتهى بتصرف .

وجاء في غاية البيان شرح زبد ابن رسلان: ولو اشتملت دار على حجر مفردة المرافق جاز إسكان الضرات فيها من غير رضاهن، وكذا إسكان واحدة في علو وأخرى في سفل مع تمييز المرافق، لأن كلا مما ذكر مسكن. انتهى.

وجاء في الوسيط للغزالي: أما المكان فلا ينبغي أن يجمع بين الضرتين في مسكن واحد إلا أن تنفصل المرافق فإن ذلك ظاهر في الإضرار. انتهى.

فعلم من نص كلام الفقهاء أنه لا يجوز للزوج أن يجمع بين زوجتيه في مسكن واحد، ولا يجوز له أن يجمع بينهما في مكان اتحدت مرافقه من غير رضاهما، لأن هذا يؤدي إلى حدوث التنافر والخصومة، ويقاس على ذلك كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الشقاق بينهما، كالحالة التي تسأل عنها السائلة، قال صاحب تحفة المحتاج في شرح المنهاج: لأن المراد أن لا يشتركا فيما قد يؤدي للتخاصم. انتهى.

فالواجب على الزوج أن يتقي الله سبحانه، ويتخذ اللازم لدفع هذا الضرر، إما بتحسين الفواصل بين سكنيهما، وإما بنقل إحداهما إلى مكان آخر.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني