الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يباح الإجهاض إلا بشروط

السؤال

أم مغتربة لثلاثة أطفال أكبرهم ليس من زوجي الحالي، وأصغرهم عمره سنة، أصبت في الحمل ـ بدوالي ـ الساقين وتحتاج لجراحة أجلتها لحين العودة لبلدي لعدم القدرة على تحمل تكاليف العلاج هنا، أصاب في الحمل بضيق في النفس ـ وأنيميا ـ شديدة تستوجب دخول العيادة أحيانا لأخذ حقن حديد، كما أصاب بآلام تمنعني من النوم خلال الأشهر الأربعة الأخيرة للحمل .
فوجئت بأنني حامل حيث تأخرت الدورة الآن لمدة 14 يوما، هل يجوز لي إسقاط الجنين؟ حيث إنني سأضطر غالبا لترك عملي لأتمكن من رعاية الأطفال، علما بأن زوجي لن يستطيع تحمل تكاليف الحياة في الغربة هنا بدون عملي لارتفاعها، ولأن لدينا ديونا كثيرة في بلدنا، كما أنني أعتقد بأنني لن أتمكن من مواصلة العمل مع وجود ثلاثة أطفال صغار في المنزل، كما أنني لا أفضل أن أترك رعاية أطفالي للخادمات .
أرجوكم أفتوني، هل يعتبر إسقاط الجنين في هذه الحالة قتلا لنفس أم أمرا مكروها؟ و إذا كان جائزا نظرا لظروفي الصحية والاجتماعية، فما هي الكفارة الواجبة علي؟.
جزاكم الله عني وعن كل بنات أمة محمد خيراـ إن شاء الله ـ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد قرر مجلس هيئة كبار العلماء ما يلي :

1- لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي وفي حدود ضيقة جداً.

2- إذا كان الحمل في الطور الأول، وهي مدة الأربعين يوماً وكان في إسقاطه مصلحة شرعية أو دفع ضرر جاز إسقاطه.

أما إسقاطه في هذه المدة خشية المشقّة في تربية الأولاد أو خوفاً من العجز عن تكاليف معيشتهم وتعليمهم أو من أجل مستقبلهم أو اكتفاء بما لدى الزوجين من الأولاد فغير جائز.

3- لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة ـ وهي الأربعون يوماً الثانية والثالثة ـ حتى تقرر لجنة طبية موثوقة أن استمراره خطر على سلامة أمه، بأن يخشى عليها الهلاك من استمراره، جاز إسقاطه بعد استنفاذ كافة الوسائل لتلافي تلك الأخطار.

4- بعد الطور الثالث ، وبعد إكمال أربعة أشهرلا يحل إسقاطه حتى يقرر جمع من الأطباء المتخصصين الموثوقين من أن بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها، وذلك بعد استنفاذ كافة الوسائل لإبقاء حياته، وإنما رخص في الإقدام على إسقاطه بهذه الشروط دفعاً لأعظم الضررين وجلبا لعظمى المصلحتين. اهـ.

ويتضح من ذلك أن الظروف الاجتماعية المذكورة في السؤال لا تبيح الإجهاض، وأما الظروف الصحية فحسب شدتها، والمفهوم من السؤال أن هذا الحمل لا يزال في بدايته ولم تنفخ فيه الروح بعد، فإن قرر مصدر طبي موثوق بخبرته وأمانته أن في بقاء الجنين وعدم إسقاطه خطرا عليك، أو ضررا لا تتحملينه، جاز لك إجهاضه، وإلا فلا، حتى ولو لم يكمل الحمل الأربعين الأولى، على الراجح من أقوال أهل العلم.

ونذكر السائلة الكريمة بما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: إسقاط الحمل حرام بإجماع المسلمين، وهو من الوأد الذي قال الله فيه: وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ـ وقد قال: ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق. اهـ.

وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 71399، 26200، 124539، 8781، 65114.

أما بالنسبة للدية والكفارة، فإن للإجهاض حالات ولكل حالة حكمها، بحسب عمر الجنين والتسبب في إسقاطه، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 19113، 9332، 2016.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني