الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تصدق المرأة إذا ادعت طلاقها بدون إثبات؟

السؤال

لكي لا أطيل أتقدم بهذا السؤال طالباً الفتوى.
تعرفت على بنت مسلمة ـ والحمد لله ـ لغرض الزواج، وعرفت أنها قد كتبت كتابها على قريب لها وفسخت هذا العقد غيابيا عن طريق عمها الذي يسكن في البلد الأم ـ في الشرق الأوسط ـ وقريب من الرجل، أو زوجها
لم يتم الزفاف حسب ما تدعي أي لم يدخل بها - ولكن بعض الأمور كشفت لها فتمت المفاوضة على الطلاق وعمها أخذ على عاتقه هذا، وهي الآن بعيدة عنه ولا تملك ورقة قاض، أو طريقة للاتصال بالشهود على الطلاق، فإن أردت زواجها، فماذا علي أن أفعل؟ وهل أطلب الورقة أو الشهود؟ أم يكفي أن يعتبر الهجران لما يزيد عن ثلاثة شهور كافيا لتطليقها في بلد الغربة الذي نسكن فيه من قبل الإمام؟ وبعدها يتم عقدي عليها إن شاء الله - وهل تستوجب أن تعتد بثلاثة أشهر أم لا؟
هل تقبل شهادتها بأنها مطلقة من الذي كتب عليها ؟
هل يتم تشهيد أهلها ـ أبيها أوأمها ـ ؟
هل يكفي الاتصال بعمها والتأكد منه؟.
هل يكفي أن ترسل نسخة ملف كمبيوتر من ورقة الطلاق إن تمكنت من ذلك؟ أم يجب أن أحصل على الورقة الأصلية وأراها؟.
أفتوني يا شيخنا جزاك الله خيرا في هذا الأمر، لأنني لا أريد ارتكاب معصية بالزواج من متزوجة، وأريد الحل حسب شرع الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وحسب المذاهب الأربعة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمرأة التي ذكرت حالتها اختلف العلماء في تصديقها فيما تدعيه من طلاق زوجها لها، فذهب الحنفية والمالكية إلي تصديقها، وعليه فيجوز العقد عليها من غير أن تحتاج إلى إثبات طلاقها، قال السرخسي في المبسوط وهو حنفي:

وإذا قالت: طلقني زوجي أو مات عني وانقضت عدتي حل لخاطبها أن يتزوجها ويصدقها، لأن الحل والحرمة من حق الشرع، وكل مسلم أمين مقبول القول فيما هو من حق الشرع، إنما لا يقبل قوله في حق الغير إذا أكذبه من له الحق، ولا حق لأحد هنا فيما أخبرت به، فلهذا جاز قبول خبرها في ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب. انتهى.

وفى فتاوى عليش المالكي:

ما قولكم: في امرأة حضرت من الفيوم إلى القليوبية وقالت كنت متزوجة في الفيوم، وطلقني زوجي منذ شهرين، ومعها وثيقة متضمنة طلاقها وتاريخه بختم نائب القاضي في البلد الذي كانت فيه، وأرادت التزوج بعد وفاء العدة من تاريخ الوثيقة، فهل تمكن من ذلك؟ أفيدوا الجواب، فأجبت بما نصه: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله نعم تمكن من ذلك لأنها مصدقة في دعواها الطلاق وانقضاء العدة في الصورة المذكورة خصوصا وقد ترجحت دعواها بوثيقة القاضي هذا مفاد النصوص لكن ينبغي زيادة التثبت في هذا الأمر الآن لما شوهد كثيرا من تخليط النساء وتزويجهن أزواجا معا، نسأل الله السلامة والعافية. انتهى.

والمعتمد عند الشافعية التفصيل، ففي فتاوى الرملي الشافعي: والحاصل أن المعتمد أن المرأة إذا ادعت طلاقا من نكاح معين لا يزوجها الحاكم حتى تثبت، أو غير معين فله اعتماد قولها وقد قيل غير ذلك. انتهى.

ولم نقف على كلام للحنابلة في المسألة. وبناء على ذلك فلك تقليد الحنفية والمالكية والزواج من تلك المرأة من غير أن تحصل على ما يثبت طلاقها من وثيقة أو شهادة عدلين، وإن كان الأولى التحري والتثبت في الأمر ـ خروجا من خلاف أهل العلم ـ حتى تحصل على وثيقة صحيحة تثبت الطلاق أو شهادة عدلين بذلك، فالطلاق لا يثبت إلا بعدلين، قال ابن قدامة في المغني : لأن الطلاق ليس بمال، ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال في غالب الأحوال فلم يقبل فيه إلا عدلان كالحدود والقصاص. انتهي.

أما شهادة أبويها فلا تقبل للتهمة، قال المواق في التاج والإكليل: المازري: لا تجوز شهادة الأب وإن علا لولده وإن سفل، كان جدا من قبل الأب أو الأم. انتهى.

وكذلك عم الزوجة لا تقبل شهادته على طلاقها إذا كان هو سببا في فسخ النكاح، لأنها شهادة على فعل نفسه وهي مردودة للتهمة.

وبالنسبة للعدة فإن لم تحصل خلوة شرعية بغلق الباب على الزوجين منفردين، فلا عدة عليها، وإن حصلت خلوة فلا بد من العدة بعد الطلاق، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7933 .

وعدتها تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو وضع الحمل إن كانت حاملا، أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني