الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا عبرة بما في الأوراق الرسمية إذا خالف الحقيقة الثابتة بالإقرار

السؤال

كان هناك رجل وابنته وزوجته. وتوفيت الزوجة وورثت البنت من أمها ومن جدتها وجدها لأمها، وكانت لا تزال صغيرة، وكان والدها رحمه الله هو المتصرف في مال ابنته الذي ورثته، فأخذ قطعة أرض كانت ملكا لابنته وباعها وأخذ النقود واشتري قطعة أرض أخرى، وظل الجميع من الأقارب والجيران يعرفون أن هذه القطعة الذي اشتراها الأب هي لابنته لأنها بمالها هي وحدها. المهم أن الأب بنى على هذه الأرض مبنى سكنيا ومع ذلك أيضا الجميع يعلم أن هذه الأرض ملكا لابنته، وكان قد زوج ابنته، ثم تزوج وأنجب بنتين من زوجته الثانية ووضع لكل بنت من بناته الصغيرتين مبلغا من المال، وتوفي الأب والآن هو قبل وفانه كان قد كتب قطعة الأرض التي هي ملك لابنته والمبني الذي عليها باسمه، ثم بعد ذلك كتب الارض والمبني مشاع بين بناته الثلاثة. مع العلم أن الأرض الجميع يقول ويعلم أنها ملك لابنته الكبرى فقط، وكان قبل وفاته أكد على أن الأرض لبنته الكبرى فقط ليخلي ضميره، وبعد وفاته الجميع ذهب لزوجته وبناته ليؤكدوا لهم أن الأرض للبنت الكبرى. الجميع يذكر هذا من الأقارب والجيران بل ليس هناك من يقول غير ذلك، وأخوه المتوفى أيضا من ضمن الجميع كل ذهب وأكد لهم ليخلص ضميره إلا أن الزوجة تنكر وكذلك بناتها.
السؤال: ما هو الحكم الشرعي في ذلك؟ هل بملكية الأرض للبنت الكبرى أم ماذا؟ وما هو الحكم الشرعي للزوجة الثانية وبناتها مع العلم أنه على الورق ليس هناك ما يثبت من أوراق بالرغم من أن الجميع يعرف الحقيقة، لكن للعلم أنا لست متأكدة أن زوجته تعلم الحقيقة، فهناك من يقول إن زوجها أخبرها ولكنها تقول لم يخبرني أحد، وهذا ليس حقيقة؟
وهل على الزوجة أن تقبل بأن الأرض ملك لبنته الكبرى أخذا برأي الجميع ممن يؤكدون ملكية البنت الكبرى للأرض ومنهم دكاترة جامعيون في الشرع وفي العلوم الدينية وآخرون أصحاب ثقة بل إني لم أسمع أن هناك أحدا قال لم يحدث هذا الأمر سوى أخوات الزوجة الثانية فقط؟
-وإن كانت الزوجة تعلم الحقيقة وتنكرها لأجل المال فما هي الحرمة التي تقع عليها؟
-وهل يعتبر كون البنتين ترثان مع البنت الكبرى في هذه الأرض حراما؟ ويبقي مال الأرض عليهم حراما ؟
-وهل على الأب وزر كونه وضع مالا للبنتين الصغيرتين في البنك ولم يضع للكبرى مثل الصغيرتين ؟
مع العلم أن ابنته الكبرى الجميع يشهد لها بأنها يستحيل أن تقبل فلوسا حراما، أما إخوة الزوجة الثانية عند البعض فليسوا من ذوات الثقة. ما رأي حضراتكم؟
وسامحوني علي الإطالة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دام الأب قد أقر بملكية البنت الكبرى للأرض قبل وفاته ولها على ذلك شهود، فالأرض أرضها ولا عبرة بإنكار أختيها وزوجة أبيها لذلك. وعليهم أن يعرفوا لها حقها في أرضها للبينة القائمة على ذلك، وما في الأوراق الرسمية لا يغير من حكم الواقع شيئا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها. رواه البخاري.

وما دامت الأرض ملكا خالصا للبنت فلا تورث عن أبيها، ولاحق فيها لأختيها وإنما هي حق خالص لها. لكن ما بناه الأب من ماله على تلك الأرض يورث عنه، لكل وارث منه بقدر نصيبه المقدر له شرعا. وقد اختلف أهل العلم في حكم من بنى على أرض غيره بإذنه أو بدون إذنه وما يجب له ؟ هل له قيمة بنائه قائما أو منقوضا وهل يلزمه قلع وهدم ما بناه أم لا ؟ وقد بينا ذلك مفصلا في الفتويين: 65439، 75036.

وأما الأب فإن كان خص بنتيه الصغيرتين بهبة دون ابنته الكبرى فهو آثم إن لم يكن ذلك لمسوغ معتبر كفقرهن وحاجتهن وغنى الكبرى، وعدم حاجتها ونحو ذلك.

وأما إن كان المقصود أنه أودع للبنتين مالا في البنك، وأعطى الكبيرة مالها مباشرة فلا حرج فيه، لأن الكبيرة تتصرف بنفسها في مالها، ويمكنها إيداعه بنفسها أو التصرف فيه بما شاءت.

وننصح بالصلح في معالجة ذلك الأمر حفاظا على روح المودة والأخوة، ولو بتنازل البعض عن حقه، فالصلح خير. فإن لم يحصل رفع الأمر إلى القضاء ليفصل في الخصومة. وانظري الفتاوى الآتية أرقامها: 93154، 73808، 68291.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني