الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

تزوجت منذ سنة ونصف وزوجتي يتيمة الأب، والأم غير مؤهلة للحفاظ على كيان أسرتي ـ حتى بنصيحة ابنتهاـ وحدثت مشاكل بيني وبين زوجتي لأسباب منها: النميمة وعدم سماعها الكلام على سبيل المثال: إنها تحب المسلسلات الأجنبية فمنعتها منها فعصتني، وهناك أمور أخرى في دنيانا يجب أن نبتعد عنها لتستقيم حياتنا فلم تستجيب للنصيحة، فأقمت حدود الله بالموعظة ثم بالهجر ثم بالضرب، فأقامت الدنيا و لم تقعدها وذهبت إلى أهلها منذ شهر بابني وأخذت مبلغا من المال، والآن هي في بيت أهلها تخرج كل يوم و تتنزه من غير إذنى وهي دائما تطلب الطلاق وأنا أريد إقامة أسرة صالحة، حيث لدي يوجد طفل، وحاولت الإصلاح بحكم عدل من أهلي وأهلها فلم أجد حكما عدلا، سؤالي ماذا أفعل؟.
أرجو منكم النصيحة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن ما فعلته زوجتك من عصيانها لأوامرك وإصرارها على مشاهدة المنكرات في مثل هذه المسلسلات والذي كان يجب عليها الكف عن رؤيتها ولو لم تنهها أنت أحرى إذا انضم إلى ذلك نهيك لها، ثم ما قامت به من ترك بيتك إلى بيت أهلها وخروجها منه للنزهة وغيرها دون إذنك كل هذا حرام وهو من النشوز الذي يسقط حقوقها.

ولكن مع هذا كله ينبغي لك أن تتحلى بالحكمة والصبر في التعامل معها، واعلم أنه لا تنبغي المسارعة إلى ضرب المرأة إلا بعد استنفاذ وسائل الاستصلاح الأخرى من وعظ وهجر، فإن لم يجد ذلك فينظر حينئذ في أمر الضرب فإن غلب على ظن الزوج أن الضرب سيؤدي مقصوده من الاستصلاح فحينئذ يجوز له أن يضرب زوجته ضربا غير مبرح، أما إن غلب على ظنه عدم جدواه أو أنه سيؤدي إلى عكس المقصود منه فهنا لا يجوز له الضرب أصلا، جاء في السراج الوهاج على متن المنهاج: وإنما يجوز الضرب إن أفاد في ظنه وإلا فلا يجوز. انتهى.

فتنبه ـ رحمك الله ـ إلى هذه المعاني كلها لأن الضرب وسيلة للاستصلاح والتأديب وليس للتشفي والانتقام.

وإنا لننصحك أن تبادر إلى إصلاح ما بينك وبين زوجتك وأن تجتهد في إرجاعها إلى بيتك.. فإما أن تذهب أنت إليها أو توسط بينك وبين أهلها من تثق فيهم من أهل الخير ليعلموها بحرمة ما تصنعه من هذه المنكرات، ويعلموا أهلها أيضا أنه لا يجوز لهم أن يعاونوها على ما تفعله، فإن رجعت إلى بيتك فأحسن معاملتها وابذل وسعك في تعليمها أمور دينها ونصحها برفق ولين، واحذر العنف فإنه غالبا ما يؤدي إلى عكس المقصود.

فإن لم تستجب لك ورفضت الرجوع إلى البيت أصلا أو رجعت ولكنها تمادت على ما هي عليه من تمردها عليك وإصرارها على فعل المعاصي فلا حرج عليك حينئذ في طلاقها، ولك أن تعضلها بأن تمتنع عن طلاقها حتى تفتدي منك بمال، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 76251.

وفي النهاية ننبه على أن ما أخذته هذه الزوجة من مالك لا يجوز لها أخذه وعليها أن ترده لأنه لا حق لها في مالك ولو تركت الإنفاق عليها، لأنها ناشز والناشز لا نفقة لها، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 36384.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني