الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من إيذاء الزوجة بالظن السيء

السؤال

أنا أعيش حياة زوجية لا تطاق، لم أتزوج إلا منذ سنة، زوجي لا يستطيع تحمل المصاريف اليومية من نفقة وسكن، ودائما يستدين ليكمل الشهر، وطوال الأربعة أشهر الأولى كنت أنا من أصرف على البيت، علما بأنني مدرسة، لكن ما يجعل الحياة جحيما لا تطاق هو أن زوجي لا يثق بي و دائم الشك والاتهام في أشياء لا أتحملها منه، ودائم الاستياء من عملي و يريدني أن أتركه، في حين أن دخله الشهري لا يكفي لشيء، ودائما نحن في خصام و شجار يومي، وهو دائما يهددني بالطلاق في حين أنا لا أريده، وعندما وافقت عليه تراجع هو، لكني الآن أريد الطلاق، لأنني لا أتحمل المزيد من اتهاماته و تعنته.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز للرجل أن يهدد زوجته دائما بالطلاق دون سبب، لأن هذا مما يتنافى مع مكارم الأخلاق والمعاشرة بالمعروف التي أمره الله بها، ولا يجوز له أيضا أن يشك في سلوكها أو يظن بها ظن السوء دون مسوغ لذلك فهذا حرام قطعا، لما فيه من الإضرار بها, وقد نهى الله سبحانه عن سوء الظن بالمسلمين، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث.

وقد عد بعض العلماء سوء الظن بالمسلم من الكبائر.

وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الغيرة في غير الريبة مما يبغضه الله سبحانه، فقال صلى الله عليه وسلم: إن من الغيرة ما يحبه الله ومنها ما يبغضه الله، فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، والغيرة التي يبغضها الله فالغيرة من غير ريبة. رواه أبو داود وابن ماجه وصححه الألباني.

جاء في شرح سنن ابن ماجه للدهلوي قوله: فالغيرة في الريبة أي يكون في مواضع التهم والشك والتردد بحيث يمكن اتهامها فيه، كما لو كانت زوجته تدخل على أجنبي أو يدخل أجنبي عليها ويجري منهما مزاح وانبساط، وأما ما لم يكن كذلك فهو من ظن السوء الذي نهينا عنه. انتهى.

وأما عن حال زوجك، فإن كان الأمر على ما ذكرت من الفقر والحاجة، فإنه لا يحق له أن يمنعك من العمل ما دام العمل منضبطا بالضوابط الشرعية، جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع عند الحديث عن عجز الزوج عن النفقة: ولكن لا يمنعها من التكسب، لأنه إذا كان ينفق عليها له الحق أن يمنعها من التكسب، فإذا كان لا ينفق فليرخص لها في التكسب. انتهى.

فأعلمي زوجك أيتها السائلة بهذه الأحكام الشرعية من حرمة إيذائك بالظن السيء ونحوه، وأعلميه أيضا أنه لا يجوز له أن يمنعك من التكسب ما دام فقيرا لا يقدر على الإنفاق عليك، فإن لم يستجب لذلك فيجوز لك حينئذ طلب الطلاق منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني