الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم فتح مقهى والغرض تغيير وضع الشباب

السؤال

أريد فتح مقهى مثل المقاهي الموجوده في بلدي وفيها من المحرمات الكثير، لكن هدفي هو أن أغير من وضع الشباب، فهذه من وسائل الدعوة، والقاعدة المؤثرة في إقناع الناس وتغييرهم هي أن تذهب للمرء وبعد ذلك تأخذه معك، مثل طريقة حديثك مع الطفل عندما تنزل بجسمك لمستواه لكي تفهمه وتحاوره، فهل الغاية تبرر الوسيلة في هذه الحالة؟ مع العلم بأنني لن أحدث ضررا أكبر من الضرر الموجود حالياً، فالمقاهي فيها فساد لا يعلمه إلا الله وربما ـ لولا مشروعي لاستمر الحال والضرر في شبابنا ـ ولكن إن خسر مشروعي فلن أحدث ضررا أكثر من الضرر الموجود حالياً، وأنا سأضع في المقهى الخاص بي كل شيء مثل المقاهي الأخرى، ثم أبدأ بتقليل الأمور الفاسدة وأحاول إشغالهم بأمور تفيد دينهم ودنياهم، فهل المال الذي سأجنيه حلال في هذه الحالة؟ مع الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيحمد لك حرصك على الخير والسعي فيه، لكن الطريق الذي تريد سلوكها إليه طريق محرم، وكم من مريد للخير لا يصيبه؟ كما قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ للذين ابتدعوا في الدين وقالوا ما أردنا إلا الخير، فالغاية عندنا في الشرع لا تبرر الوسائل المحرمة، يذكر أن رجلاً سأل أبا حنيفة قائلاً: أنا أتاجر مع الله أسرق فتكتب علي سيئة وأتصدق بما سرقت فتكتب لي عشر حسنات، فقال له أبو حنيفة: بل تسرق فتكتب سيئة وتتصدق فلا يقبل منك، لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، فانظر إلى حسن غايته وسوء وسيلته، هل يباح له ذلك، كلا؟.

ولا يبرر هذا الفعل قولك إن ذلك بهدف الدعوة، فالدعوة إلى الله - وإن كانت من أفضل الأعمال وأشرفها- لا يجوز أن تستخدم فيها الوسائل المحرمة، فالغاية في الإسلام لا تبرر الوسيلة، كما ذكرنا، وإن كان هدفك هو الدعوة فقط فبإمكانك أن تتخذ لها من الوسائل ما هو مشروع وأكثر نفعاً وأقرب لتحقيق الهدف، ولا تلج الحرام وتنشر المعصية وتكون عوناً للشيطان على عباد الله، لغاية قد تكون وقد لا تكون، ففتح المقاهي إن كانت محلا للفجور والدياثة فهو محرم لذاته ولما يترتب عليه من مفاسد وليس مجرد وسائل مباحة يتوصل بها إلى الخير أو الشر، فلا يجوز فتحها أوالإعانة عليها وهي إنما تزيد الشر الموجود وتعين أهله، فإياك وإياها إن كانت تشتمل على المنكر ولا يرتادها إلا أهله فهي محرمة وما يكسب منها محرم خبيث، وفي الحديث لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت. رواه أحمد.

وأكل الحرام من أسباب امتناع استجابة الدعاء، وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 17077، 38684، 6075.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني