الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

يسر مركز الخليج العربي للاستثمارات الدولية أن يتقدم بهذا البحث العلمي: تفسير القرآن الكريم شعرا. في27369. بيتا من الشعر بوزن واحد وقافية واحدة في حوالي (1300) صفحه ورقية-لأول مرة في التاريخ- وحيث إن آراء العلماء المتخصصين قد اختلفت في جواز تفسير القرآن الكريم شعراَ، ورغبة منا في نشره للعالم الإسلامي في نسخة ورقية. لذا نرجو بيان رأي القراء و المشاركين في جواز أو عدم جواز تفسير القرآن الكريم شعراَ وإمكانيه نشره وتداوله بين القراء. وفي حالة موافقتكم سوف نرسل إليكم تقارير الفحص العلمي والرسائل الواردة إلينا من الدول العربية حول الموضوع، والتي تتضمن الموافقة لبعضهم والرفض لآخرين راجيين مساعدتنا في الوصول إلى رأي نهائي لهذه الموسوعة العلمية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن المعروف أن أهل العلم قد اختلفوا في حكم ترجمة القرآن الكريم، بناء على اختلاف مقاصدهم في حقيقة هذه الترجمة وما يترتب عليها من مصالح أو مفاسد، وللباحث: محمد محمود كالو رسالة ماجستير بعنوان: ترجمة القرآن الكريم بين الحظر والإباحة. ناقش فيها حكم الترجمة بتفصيل وبيَّن فوائدها وأخطارها.

وإذا قلنا بجواز الترجمة لأنها إنما تكون لمعاني القرآن لا لألفاظه، فلا فرق بينها وبين تفسير القرآن، ولا يخفى أن بين القرآن وتفسيره فرقا واضحا.

قال الشاطبي في الموافقات: للغة العربية - من حيث هي ألفاظ دالة على معان - نظران:

أحدهما: من جهة كونها ألفاظا وعبارات مطلقة دالة على معان مطلقة، وهي الدلالة الأصلية.

والثاني: من جهة كونها ألفاظا وعبارات مقيدة دالة على معان خادمة، وهي الدلالة التابعة.

فالجهة الأولى: هي التي يشترك فيها جميع الألسنة، وإليها تنتهي مقاصد المتكلمين، ولا تختص بأمة دون أخرى ... وأما الجهة الثانية: فهي التي يختص بها لسان العرب في تلك الحكاية وذلك الإخبار .... وقد نفى ابن قتيبة إمكان الترجمة في القرآن يعني على هذا الوجه الثاني، فأما على الوجه الأول فهو ممكن، ومن جهته صح تفسير القرآن وبيان معناه للعامة ومن ليس له فهم يقوى على تحصيل معانيه، وكان ذلك جائزا باتفاق أهل الإسلام، فصار هذا الاتفاق حجة في صحة الترجمة على المعنى الأصلي. انتهـى.

وقد سبق لنا بيان أنه لا يجوز ترجمة نصوص القرآن الكريم، وأما ترجمة معانيه وتفسيره بلسان قوم آخرين فجائزة، بل قد تكون واجبة، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 8266 ، 63947 ، 32300.

وإذا عُلم هذا فإنا نقول: لا فرق في الحقيقة بين ترجمة معاني القرآن وبين نظم هذه الترجمة شعرا. فالنظم في الحقيقة ليس لألفاظ القرآن وإنما لمعانيه.

ومما يستفاد منه الجواز أيضا أن أهل العلم قد أباحوا تضمين القرآن في الشعر إذا صح القصد، بأن كان يضاهي مقصود القرآن، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 63619.

ومن المعلوم أن أهل العلم لا تزال عنايتهم متوفرة على نظم العلوم الشرعية ليسهل حفظها وترديدها، ولا شك أن معاني القرآن أولى بهذا، وقد نظم بعضهم غريب القرآن، كما فعل الحافظ العراقي في ألفيته في (غريب القرآن). ناهيك عن نظم القراءات القرآنية. ولبعض علماء شنقيط- موريتانبا- نظم. في هذا الباب يسمى مراقي الأواه.

والخلاصة أن نظم معاني أو تفسير القرآن أمر جائز بل مندوب، بشرط صحة النظم من حيث المعنى، بحيث لا تلجئ ضرورة الشعر إلى التهاون في دقة التعبير وتمام الإصابة.


والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني