الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كره الوساوس ومدافعتها من الإيمان

السؤال

أنا متزوجة وعندي مشاكل مع زوجي، وبعد ما تركت البيت تبت وتقربت من ربنا وتحجبت ـ والحمدلله ـ والذي يتعبني أنه صارت لي فترة أحس بوسوسة في قلبي وكأن شيئا يقول لي: لماذا تصلين وتدعين ربنا؟ مع أن دعواتك غير مستجابة وزوجك لن يرجع، أوهل ربنا ـ فعلاَ ـ موجود؟ وأخاف أن تكون هذه الوسوسة ـ والعياذ بالله ـ كفرا، وهل هذه الوسوسة دليل على أنني غير مؤمنة؟.
الرجاء جوابكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحمد لله الذي هداك إلى طريق الاستقامة الذي فيه الخير في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ {فصلت:30}.

وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ {الاحقاف:13}.

فينبغي أن تفرحي بهذا وتدفعي عنك الحزن وتؤملي في الله ولا تستعجلي في إجابة الدعاء فالله يستجيب لعبده ما لم يعجل، كما سبق وبينا في الفتوى رقم: 63158، فراجعيها.

والوسوسة تعرض للمؤمن كثيرا، وكُرهها وردها والتساؤل عن كيفية علاجها دليل على إيمانك وليس على العكس، كما يوسوس لك الشيطان، قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة ـ رحمه الله ـ في الفتاوى: والمؤمِنُ يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره، كما قالتِ الصحابة: يا رسول الله، إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: ذاك صريح الإيمان.

وفي رواية: ما يتعاظم أن يتكلم به، قال: الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة.

أي: حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلوب: هو من صريح الإيمان كالمجاهد الذي جاءَهُ العدو، فدافعه حتى غلبه، فهذا عظيم الجهاد، ولهذا يوجدُ عند طلاب العلم والعبّاد من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم، لأنه لم يسلك شرع الله ومنهاجه، بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه وهذا مطلوب الشيطان، بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة، فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله تعالى. هـ.

وقال أيضا: فهنا لما اقترنَ بالوسواس هذا البغض وهذه الكراهة، كان هو صريحَ الإيمان، وهو خالصه ومحضه، لأن المنافق والكافر لا يجد هذا البغض وهذه الكراهة مع الوسوسة بذلك. انتهى.

وقد سبق بيان ما يدفع به المؤمن والمؤمنة الوسوسة بالتفصيل في فتاوى سابقة بما يغني عن إعادته هنا فراجعي الفتوى رقم: 7950 ، في الفرق بين الوساوس التي هي من صريح الإيمان وغيرها التي تدل على ضعف الإيمان، والفتوى رقم: 12300، في أن حديث النفس في العقيدة دليل الإيمان، والفتوى رقم: 12400في بيان الوسوسة في الإيمان وعلاجها، والفتوى رقم: 12436 ، في بيان أن وسوسة الشيطان دليل على يأسه من إضلال العبد.

وننصحك ـ مع الدعاء بإعادة زوجك لك ـ أن تسلكي الطرق الأخرى من السعي في الإصلاح بينكما وتوسيط أقاربكم أو أهل الخير، واعلمي أنه من الخطإ الكبير أن تترك المرأة بيتها إلا في حالات الضرورة، وراجعي الفتوى رقم: 5291 ، ففيها بيان الطريقة الشرعية لحل الخلاف بين الزوجين، ونسأل الله أن يصلح بينكما وأن يثبتك على طريق الاستقامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني