الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يلزم الابن إعطاء كل ماله لأبيه

السؤال

سامحني يا شيخ على الإطالة، لأن موضوعي يستوجب الإطالة: أنا شاب أعيش في أسرة مكونة من 13 فرداً وأبي لا يعمل منذ ست سنوات على الأقل، ومنذ نعومة أظفارنا ـ أنا وإخوتي وأمي ـ ونحن نعمل، فقبل ست سنوات تقريبا كان أبي يعمل، وفي الفترة التي تعطل فيها عن العمل استمررنا في العمل الشاق حتى نعيش، نعمل ثلاثة مواسم على الأقل أي في الفترة الممتدة بين شهري 5 و 11 وهناك انقطاع بسيط في هذه الفترة، وفي فترة عملنا يدخل علينا يوميا حوالي ستة أضعاف عمل أي عامل يعيل أسرة ـ90 دولاراـ ولكن كل ما نحصل عليه يصرفه أبي، مع العلم أنه لا يطعمنا إلا الطعام الرخيص والذي لا يشتريه الناس في قريتنا وفي بعض الأوقات نأكل طعاما حسنا، وباقي المبلغ لا نعرف كيف يصرفه؟ مع العلم أنه يستهلك حوالي5 دولار يوميا رصيد هاتف بلا فائدة، و3 دولار تقريبا للتدخين، و7 دولار يوميا بنزين سيارة، وأيضا هذا بنصف فائدة، وأخي مرعليه وهو يعمل كعامل سنتان وهو في أول عمره، والآن لا يملك قرشا واحداً فكله يأخذه أبي أيضا، وهناك ديون مترتبة علينا حوالي: 20000 دولار حاليا، مع العلم أنها تتزايد كل فترة أي لا نسدد هذه الديون بعملنا إلا القليل منها، وأبي يحرم أمي من الملبس الحسن ويسبها ويشتمها وكثيراً ما يضربها، فأريد رأيك يا شيخ في كل الأمور التي سبقت، كما أريد رأيك فيما لو اشتغلت ـ والآن تخرجت من الجامعة وعمي هو الذي درسني ـ هل يجوز أن أرفض إعطاء أبي كل المال الذي أجنيه؟ مع العلم أنني أوافق على إعالته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان أبوك فقيراً ولا يقدر على الكسب فالواجب عليكم -أنت وأخوتك - أن تنفقوا عليه بالمعروف، إذا كنتم تجدون ما يزيد عن حاجتكم الأصلية، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نفقة الوالدين الفقيرين الذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد. المغني لابن قدامة.

والذي يلزمكم في هذه الحال أن تنفقوا عليه ما يحتاجه بالمعروف، ولا يلزمكم أن تدفعوا إليه كل ما تحصلون عليه لينفق هو على البيت، وإنما له عليكم من النفقة ما يحتاجه بالمعروف، أما ما يزيد على حاجته فلا يلزمكم ومن باب أولى ما ينفقه على التدخين فلا يجوز لكم إعانته عليه، ويجب عليكم نصحه بالتوبة منه، وانظر في شروط جواز أخذ الأب من مال ولده الفتوى رقم: 112088.

أما أمك فلا يلزمها أن تنفق على والدكم شيئاً، وما تكسبه من عملها فهو حق خالص لها، وقد أحسنت بصبرها على عسرة والدكم وعدم إنفاقه عليها، وما يفعله الوالد من سبها وضربها دون مسوغ فهو ظلم وسوء عشرة ينبغي عليكم أن تناصحوه برفق وتخوفوه من الله، مع عدم التقصير في بره وطاعته في المعروف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني