الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في عقد المضاربة الفاسد

السؤال

مطلقة ولدي طفل وأنا أنفق عليه، ولذلك قمت بتشغيل بعض المال ومقداره: 4000 دولارعند رجل، وهذا الرجل يعمل في تجارة الألبسة وبعد أن أمسك المبلغ قال إن هذا المبلغ أرباحه كل شهر80 دولارا وأنه سيعطيني كل شهر80 دولارا، علما أنني لا أستطيع استرداد المبلغ ـ رأس المال ـ قبل عام مهما كانت الأسباب فهل ذلك حرام؟ ووالله إنني بحاجة ماسة إلى ذلك التشغيل للإنفاق على ولدي البالغ من العمر3 سنوات.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أخطأت حين لم تسألي أهل العلم عن الكيفية الصحيحة للمضاربة والواجب عليك أن تتوبي إلى الله عز وجل من تقصيرك في السؤال والتعلم، وهذه المضاربة التي يجعل فيها لأحد المضاربين نصيب معلوم غير مشاع من الربح مضاربة فاسدة يجب فسخها، وانظري الفتوى رقم: 19406، وللمضارب أجرة المثل عند الجمهور، وحصة المثل على اختيار بعض العلماء، فإذا أمكنك فسخ المضاربة واسترداد رأس مالك وجب عليك ذلك وعليك مناصحة هذا المضارب وأن تبيني له أن هذه المضاربة فاسدة وأن له أجرة المثل أو حصة المثل فيما مضى وإن أردتما استئناف عقد جديد مستوف للضوابط الشرعية فبها.

ثم إن المضاربة عقد جائز فمن حق كل من الشريكين فسخها متى أراد، وأما إذا لم ينتصح هذا المضارب وأبى رد رأس المال أو تصحيح العقد، فإنه ـ والحال هذه ـ يكون غاصبا. وبناء عليه، فإنك تأخذين ما يعطيك من المال فتنفقين منه على نفسك وولدك حتى إذا أمكنك استرداد رأس مالك فإنك تأخذينه ولك أن تأخذي ما نشأ عنه من الربح فإنه نماء مالك وليس للمضارب حق في سوى أجرة المثل أو حصة المثل عن المدة التي عمل فيها قبل مطالبتك بالفسخ، وأما بعد مطالبتك بالفسخ فإنه غاصب، وقد اختلف العلماء في ربح المال المغصوب لمن يكون، ورجح شيخ الإسلام أنه يكون بينهما مناصفة قال ـ رحمه الله: إن كان جميع ما بيده أخذه من الناس بغير حق مثل أن يغصب مال قوم بافتراء يفتريه عليهم فهذه الأموال مستحقة لأصحابها، ومن اكتسب بهذه الأموال بتجارة ونحوها فقيل: الربح لأرباب الأموال، وقيل: له إذا اشترى في ذمته، وقيل: بل يتصدقان به، لأنه ربح خبيث، وقيل: بل يقسم الربح بينه وبين أرباب الأموال كالمضاربة، كما فعل عمر بن الخطاب في المال الذي أقرضه أبو موسى الأشعري لابنيه دون العسكر، وهذا أعدل الأقوال. انتهى.

وعلى هذا القول، فإنك متى أمكنك قبض جميع المال فما تيقنت أنه من حصتك من الربح جاز لك أخذه وحسابه مما تم قبضه، وما لم تتيقني من أنه من حصتك من الربح فليس لك أخذه، لأنه مال هذا الرجل ـ على القول بأن له في ربحه نصيبا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني