الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بول الصبي الذي يتغذى بالحليب الصناعي

السؤال

هل بول الغلام الذي عمره شهر ويشرب الحليب الاصطناعي طاهر، أرجو التفصيل في المسألة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبول الغلام نجس في قول أكثر أهل العلم سواء عمره شهر أو أكثر أو أقل، حتى وإن كان يرضع من أمه ولم يأكل الطعام، لما في الصحيحين: عن أم قيس بنت محصن أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه ولم يغسله.

قال: في سبل السلام: .. هل بول الصبي طاهر أو نجس؟ فالأكثر على أنه نجس، وإنما خفف الشارع تطهيره.

قال الحافظ في الفتح: قال الخطابي: ليس تجويز من جوز النضح من أجل أن بول الصبي غير نجس ولكنه لتخفيف نجاسته. انتهى.

وأثبت الطحاوي الخلاف فقال: قال قوم بطهارة بول الصبي قبل الطعام، وكذا جزم به ابن عبد البر وابن بطال ومن تبعهما عن الشافعي وأحمد وغيرهما ولم يعرف ذلك عن الشافعية ولا الحنابلة، وقال النووي: هذه حكاية باطلة. انتهى.

وإنما يخفف في غسل بوله إذا لم يأكل الطعام، فيكفي فيه النضح ولا يلزم غسله؛ لحديث أبي السمح رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام. أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم. والمقصود بكونه لم يأكل الطعام أنه لم يأكل (ما عدا اللبن الذي يرتضعه والتمر الذي يحنك به، والعسل الذي يلعقه للمداواة وغيرها، فكان المراد أنه لم يحصل له الاغتذاء بغير اللبن على الاستقلال..) كما قاله الحافظ في الفتح.

ولم نجد نصاً للعلماء المعاصرين في الحليب الصناعي المجفف هل هو ملحق بلبن الأم بحيث لا يلزم غسل الصبي الذي يتناوله أم هو ملحق بالطعام، ولكنهم يتكلمون عن لبن البهيمة فمنهم من يوجب غسل بول الصبي منه كما صرح به بعض فقهاء الشافعية ومنهم من يرى بأنه كلبن الأم.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في معنى (لم يأكل الطعام): أي غذاؤه باللبن سواء لبن آدمية أو بهيمة، وليس امتصاصه ما يوضع في فمه وابتلاعه أكلاً، وكذلك إذا كان يبغي الطعام لكن منعه فلا يؤثر فليس نجس. وكذلك إذا أكل من دون شهوة، فالذي يطلق عليه أنه يأكل الطعام هو الذي يريد الطعام ويتناوله أو يشرئب أو يصيح أو يشير إليه، والشوربة التي يجعلونها غذاء هي طعام كسائر الأطعمة. والله أعلم. انتهى من مجموع فتاواه.

وإذا كان الأمر كذلك فلا شك أن الاحتياط للعبادة يقضي بأن يغسل من بول الغلام إذا اعتمد على الحليب الصناعي لا سيما وأنه قد لا يكون لبناً خالصاً للبهيمة. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 123618.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني