الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا أعمل فى شركة خضروات وفواكه في المحاسبة ويوجد قسم تبريد البضاعة (مخزن) يعمد المحاسبون والقائمون على المخزن وبعض العمال القدماء فى العمل إلى أخذ بضاعة من المسؤول عن البضاعة بالمخزن كل حين إلى بيوتهم على سبيل الأكل، ورب العمل يعلم ذلك ولكنه غير مصرح تصريحا واضحا على أنه (على من أراد أخذ شيء فليأخذه) إنهم يعملون فى تصنيف وتوضيب ونقل هذه البضاعة وهي أمامهم باستمرار فواكه وخضروات ولكنه أي المدير وهو صاحب المال نفسه يعلم أن بعض العمال يأخذ من البضاعة. السؤال جزاكم الله خيراً: لقد أخذت من هذه البضاعة ثلاث مرات حيث كنت فى زيارة للمخزن وقال لي المسؤول عن المخزن ما عليك عندي أنا هذه الأشياء مني لك، علما بأنها ليست ماله ولا مال أبيه (فأخذتها محرجاً حيث أخذ من معي وإن لم آخذ ينظرون لي بأني أنكر عليهم ذلك مما يتسبب فى قطع التعاملات الحميمة والود وغير ذلك مما تعلمون من تجنب الشخص الذي لا يساير القوم) وقمت بتقدير البضاعة ودفعت ثمنها للشركة على هيئة كروت إنترنت وأغراض شبيهه بدون علم أحد إلا الله. فماذا علي فى ذلك وهل أنا آثم أو قد تحللت منها أو أن البضاعة التي يأخذونها لا شيء فيها. أفيدونا جزاكم الله خيراً، علما بأني قد فعلت هذا من باب (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل تحريم أخذ أموال الناس ما لم يكن ذلك برضى منهم، روى الإمام أحمد في المسند عن عمور بن يثربي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ألا ولا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا بطيب نفس منه.

فتصرف هؤلاء الناس إن كان عن علم برضا صاحبها لهذا التصرف من خلال قرائن الأحوال القوية فلا حرج فيه، وأما مجرد سكوته بعد علمه فلا يكفي، فإن بعض الناس قد يمنعه الحياء من الاعتراض على مثل هذا التصرف المعين، وقد نقلنا كلاماً لأهل العلم بهذا الخصوص، فراجع في ذلك الفتوى رقم: 55162.

ثم إنه لا يلزم من رضا صاحب العمل بأخذ مسؤول المخزن لنفسه أنه يأذن له في إعطاء غيره، وبناء على هذا فقد أسأت بأخذك من هذه البضاعة من غير أن تكون على يقين بكون هذا الرجل مسموحاً له بإعطاء الناس منها، فالواجب عليك التوبة والواجب رد المثل إن كان ما أخذته من المثليات وهو ما يكون مكيلاً أو موزوناً أو معدوداً، ويجب رد القيمة إن كان من القيميات، وهو مالا يكون مما يكال أو يوزن أو يعد.

جاء في القوانين الفقهية لابن جزي المالكي قوله: فيما يجب على الغاصب وذلك حقان.. الثاني: حق المغصوب منه وهو أن يرد إليه ما غصبه، فإن كان المغصوب قائماً رده بعينه إليه، وإن كان قد فات رد إليه مثله أو قيمته، فيرد المثل فيما له مثل، وذلك في كل مكيل وموزون ومعدود من الطعام والدنانير والدراهم وغير ذلك، ويرد القيمة فيما لا مثل له كالعروض والحيوان والعقار. انتهى.

وعليه؛ فإن كان ما أخذته قيمياً ودفعت قيمته فقد أبرأت ذمتك، وأما إن كان مثلياً فيجب رد مثله كما ذكرنا ولك أن تبحث عن سبيل لاسترداد ما دفعت من قيمة، وإن أمكنك مصارحة صاحب الحق ورضي بما رددت من قيمة برئت ذمتك بذلك أيضاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني