الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بنى فوق منزل أبيه وإخوته لا يعترفون بذلك

السؤال

الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: ستة أولاد، وخنثيان. علما بأنني أحد أبناء المتوفى قمت ـ وبالموافقه من والدي ـ بالبناء فوق المنزل وإخوتي لا يعترفون لي بالمال الذي دفعته، فما الحكم في هذه المسألة؟ وما هو نصيبي من الميراث؟ مع العلم أن العمارة تتكون من: 4 طوابق باسم أبي، وأنا الذي بنيت الطابق الرابع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر وتبين حال الخنثيين أنهما أنثيان ـ كما يفهم من السؤال ـ فتعاملان على أنهما بنتان, فتقسم التركة بين الأبناء والبنات ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ {النساء: 11}.

فتقسم التركة على ( 14 ) سهما, لكل ابن من الأبناء الستة سهمان, ولكل بنت من البنتين سهم واحد.

وأما بناء الابن فوق بيت أبيه وقوله إن إخوته لا يعترفون له بالمال الذي دفعه في البناء... إن كنت تعني أنهم لا يقرون بذلك وينكرون أن تكون بنيته بمالك فأنت مطالب بإقامة البينة على أنك بنيت ذلك البناء، لأن الأصل أن البيت بجميع طوابقه للأب وأنت تدعي أن الطابق الأخير لك، وقد روى الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. اهـ.

فإن لم تقم البينة حلف الورثة على نفي العلم, أي يحلفون على عدم علمهم بأنك بنيت الطابق بمالك وعلى نفي العلم بأن أباك وهب لك السطح، لأن من حلف على فعل غيره في النفي حلف على نفي العلم, جاء في الموسوعة الفقهية: يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِهِ، وَكَذَا فِعْل غَيْرِهِ إِنْ كَانَ إِثْبَاتًا، وَإِنْ كَانَ نَفْيًا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وجملة الأمر: أنّ الأيمان كلّها على البتّ والقطع إلاّ على نفي فعل الغير، فإنّها على نفي العلم, وعلى هذا أبو حنيفة ومالك والشّافعيّ. اهـ.

وجاء في فتاوى ابن حجر الهيتمي الشافعي: وَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يُقَالَ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي كُلِّ عَيْنٍ إلَّا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَارِثِ فِيمَا يَنْفِيهِ. اهـ.

وإن كان الورثة صغارا لم يحلفوا ووقف الأمر إلى بلوغهم ولا يحلف عنهم وليهم, جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: ولا تدخل النيابة في اليمين فلا يحلف أحد عن غيره فلو كان المدعى عليه صغيرا أو مجنونا لم يحلف، لأنه لا يعول على قوله ووقف الأمر إلى أن يكلفا. اهـ.

وجاء في الفقه الإسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي: ولا تدخل النيابة في اليمين، ولا يحلف أحد عن غيره، فلو كان المدعى عليه صغيراً أو مجنوناً، لم يحلف عنه، ووقف الأمر حتى يبلغ الصبي، ويعقل المجنون، ولم يحلف عنه وليه. اهـ.

وأما إن أقمت بينة على أنك بنيت الطابق الأخير بمالك، فقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في حكم ما بناه الابن فوق بيت أبيه ما حكمه في الميراث، فانظر لذلك الفتويين رقم: 107908, ورقم:32937.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني