الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التطلع للأجر حاجز عن قطيعة الرحم

السؤال

أنا كنت أسكن مع أهلي في بيت أبي وكل واحد منا له شقة، وكنت متزوجة ومعي من زوجي الأول بنتان وولد وبعدها طلقت وتزوجت من رجل آخر في نفس الشقة، ولكن زوجي الثاني قد أقام ترتيبات جديدة في الشقة كلفته في حدود 22 ألف جنيه وبعدها وقعت مشاكل بين أهلي وزوجي فتم طردي من الشقة وعدم إعطائي إلا أشياء قليلة وغرفة المعيشة، وقد قالوا إن زوجك القديم ـ أبو الأولاد ـ هو الذي سيسكن الشقة ويربي الأولاد وإن كل ما في الشقة لأبيك وأنت غير مسموح لك بأخذها، فخرجت من الشقة ـ فربنا والحمد لله ـ عوضني بحاجات كثيرة قد اشتراها زوجي لشقة إيجار جديد، والآن يشترطون علي لو أردت أن أصل رحمي شروطا، فما هو حكم الدين في ذلك؟ وأولها: منع زوجي من دخول البيت.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فصلة الرحم من أعظم القربات وأجل الأعمال الصالحات التي يتقرب بها إلى الله تعالى كما أن قطيعتها من كبائر الذنوب، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 127987، والواصل -على الحقيقة - هو الذي يصل من قطعه، ويحسن إلى من أساء إليه، أما الذي يقتصر في الصلة على من وصله وأحسن إليه، فهذا مكافئ لا واصل، وتصديق ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها. رواه البخاري وغيره.

فإن أردت أن تحوزي ثواب صلة الرحم فاصبري على أذى أرحامك وتقصيرهم وقطيعتهم، وتذكري قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ـ وقد جاءه رجل ـ فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. رواه مسلم.

وقد سبق الحديث عن حرمة القطيعة في الفتوى رقم: 113287.

فإن كان في جملة أهلك كلا الوالدين أو أحدهما فهنا يتأكد أمر الصلة ويصبح فرضاً متحتماً لا يسعك تركه بحال وراجعي الحديث عن بر الوالدين في الفتوى رقم: 36657، وأوصي زوجك أيضاً بالصبر على أهلك والعفو عنهم وذكريه بثواب العفو والصفح، وقد ذكرنا طرفاً من ذلك في الفتويين رقم: 110312، و رقم: 111346.

وأما بخصوص هذه الشقة، فإن كانت ملكاً لك فلا يجوز لهم إخراجك منها، لأن هذا من الظلم، أما إذا لم تكن ملكاً لك وكانت ملكاً لهم فمن حقهم ـ حينئذ ـ أن يسكنوا فيها من يشاؤون وسكناك أنت إنما يطالب به زوجك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني