الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب المالكية فيمن صلى بالنجاسة متعمدا عالما بحكمها

السؤال

شخص مالكي يتبع قولا غير مشهور في حكم إزالة النجاسة في الصلاة و هي السنية(بمعنى لو صلى شخص بنجاسة في بدنه أو ثوبه أو مكان صلاته عامدا مع أنه ذاكر و قادر فإن صلاته صحيحة و يعيدها استحبابا و كان مقلدا لأحد العلماء المعروفين). فهل تجوز الصلاة وراءه؟
هذا الشخص أصيب بسلس و التزم بما جاء به السادة المالكية في أحكام الوضوء والصلاة بالنسبة لصاحب السلس لكنه وجد مشقة كبيرة صاحبته لأكثر من 5 سنوات فقرر الالتجاء إلى شيخ في مذهب آخر و شرح له حالته له فأفتى له بفتوى أخرجته من المشقة. هل يجوز له أن يأخذ بفتوى الشيخ مع أنه يتبع قولا غير مشهور في إزالة النجاسة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالقول المعتمد والمشهور عند المالكية أن من صلى بالنجاسة عامدا قادرا على إزالتها بطلت صلاته ووجبت إعادتها أبدا، بل إن كثيرا من علماء المالكية رأى الاتفاق على هذا وأن الخلاف في وجوب إزالة النجاسة عن المصلي أو سنيتها هو خلاف لفظي لا ينبني عليه حكم.

قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل: ( قلت : ) والذي يظهر لي من نصوص أهل المذهب أن هذا الخلاف إنما هو خلاف في التعبير على القول الراجح في حكم إزالة النجاسة ولا ينبني عليه اختلاف في المعنى تظهر فائدته, وذلك أن المعتمد في المذهب أن من صلى بالنجاسة متعمدا عالما بحكمها, أو جاهلا وهو قادر على إزالتها يعيد صلاته أبدا, ومن صلى بها ناسيا لها, أو غير عالم بها, أو عاجزا عن إزالتها يعيد في الوقت على قول من قال: إنها سنة , وقول من قال : إنها واجبة مع الذكر والقدرة. انتهى.

وقال المواق المالكي في التاج والإكليل: ابن رشد : المشهور قول ابن القاسم وروايته عن مالك أن من صلى بثوب نجس عالما غير مضطر متعمدا أو جاهلا أعاد أبدا . وإن صلى به ناسيا أو جاهلا بنجاسة أو مضطرا إلى الصلاة فيه أعاد في الوقت. انتهى.

وعليه؛ فالقول المعتمد والمشهور في المذهب المالكي بطلان صلاة الإمام المذكور .

وبالتالي فالصلاة خلفه باطلة لأن طهارة بدن المصلي وثوبه شرط في صحة الصلاة.

قال ابن قدامة في المغني: وجملة ذلك, أن الطهارة من النجاسة في بدن المصلي وثوبه شرط لصحة الصلاة في قول أكثر أهل العلم. انتهى.

وإن كان الإمام المذكور صاحب سلس فتصح إمامته لمثله، أما إمامتُه لغيره من الأصحاء فلا تصح عند الحنابلة، وتجوز على القول الأصح عند الشافعية كما تصح عند المالكية مع الكراهة، والأولى عدم إمامته خروجا من خلاف أهل العلم كما تقدم في الفتوى رقم: 7507.

ولم نفهم ما ذكره السائل من أن الشخص المذكور قد أخذ بمذهب المالكية في موضوع السلس ولكنه شق عليه فوجد من أفتاه بما هو أخف منه.. إذ أن مذهب المالكية أن السلس إذا لازم كل الوقت أو أكثره فلا ينقض الوضوء وبالتالي فهو أسهل المذاهب فى هذه المسألة، لأن الجمهور على أن صاحب السلس يتوضأ لكل صلاة وجوبا ففي الموسوعة الفقهية: والفقهاء سوى المالكية متفقون على وجوب تجديد الوضوء للمعذور، وقال المالكية باستحبابه كما سبق. انتهى.

كما أن المالكية لا يرون وجوب طهارة النجاسة من الحدث المستنكح خلافا للجمهور.

فإذا تقرر هذا علم أنه لا يمكن وجود ما هو أخف من المذهب المالكي في السلس إذ أنه إذا لا زمه أكثر الزمن يصلي به دون وضوء ولا يلزمه غسل النجاسة، والظاهر أن هذا هو ما أفتاه به هذا المفتي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني