الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد الدخول بأشهر لا زالت بكرا فهل تطلب الطلاق وما حقوقها

السؤال

تزوجت منذ تسعة أشهر وبعد 6 أشهر كنت لا أزال بكرا، ومنذ معرفتي وأنا لدى أهلي وأطلب الطلاق مع العلم أن زوجي لم يجهز في بيتي في القاهرة سوى غرفة الصالون فقط كجزء من المهر والجزء الآخر كان سيحضر غرفة طعام، ونظرا لسفره للعمل بالخارج لم يحضرها. فهل عليه دفع ثمنها ؟؟ وما هي هي حقوقي في هذه الحالة من نفقة وعدة؟؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يتبين لنا سبب بقائك بكرا وهل كان هذا لعدم قدرة الزوج على الجماع بعنة أو مرض عابر، أو غير ذلك والذي يظهر لنا من حديثك أنه قد حصل الجماع ولكن البكارة لم تنفض، فإن كان الأمر كذلك وكان الزوج قادرا على الوطء فلا إشكال حينئذ ولا يحل لك طلب الطلاق من زوجك وذلك لأن غشاء البكارة قد يكون عند بعض النساء مطاطا فإذا حصل الجماع تمدد الغشاء بدلا من أن يتمزق وبقي على حاله وقد يستمر هكذا إلى وقت الولادة.

واعلمي أن طلب الطلاق حينئذ محرم لأنه لا مسوغ له، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصححه الألباني.

وكما لا يجوز لك طلب الطلاق بسبب ذلك فلا يجوز لك أيضا أن تتركي بيت زوجك دون إذنه، فإن فعلت فأنت ناشز والنشوز محرم يوجب العقاب في الآخرة ويسقط حقوق المرأة من نفقة ونحوها في الدنيا، وقد بينا هذا في الفتويين التاليتين: 1103، 110905.

أما إن كان ذلك لعدم قدرة الزوج على الجماع فهذا ما يعرف بالعنة وقد ذكر العلماء أن الزوج يؤجل سنة للعلاج فإن استمرت به العنة فسخ القاضي النكاح، وقد اختلف العلماء في كون هذه المدة تشريعا أو اجتهادا فعلى القول بأنها تشريع فلا بد أن يؤجل السنة حتى وإن جزم الأطباء بعدم إمكانية العلاج، أما إن قلنا بأنها اجتهاد فحينئذ يؤخذ بكلام الأطباء الثقات فإن قطعوا باستعصاء حالته على العلاج فارق زوجته دون تأخير، أما إن ذكروا إمكانية العلاج فيضرب له حينئذ مدة يعالج فيها وهي سنة.

يقول ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع: إن قلنا إنه من باب التشريع فلا نخالفه، حتى لو قال لنا الأطباء: إننا نعلم علم اليقين أن هذا الرجل لن تعود إليه قوة الجماع فإننا لا نأخذ به، بل نؤجله، وإذا قلنا: إنه من باب القضاء الخاضع للاجتهاد، فإنه إذا قرر الأطباء من ذوي الكفاءة والأمانة أنه لن تعود إليه قوة الجماع فلا فائدة من التأجيل، فلا نستفيد من التأجيل إلا ضرر الزوجة، فهو في الحقيقة يشبه مقطوع الذكر في عدم رجوع الجماع إليه، فلا حاجة في التأجيل حينئذٍ. انتهى.

فإذا فارقك زوجك في هذه الحالة فعليه أن يوفيك كامل حقوقك من مقدم المهر ومؤخره وعليك العدة على الراجح، وعليه أيضا النفقة فترة علاجه إلا إذا كنت ناشزا ويستوي في ذلك ما إذا كان الفراق بطلاق أو بفسخ عند القاضي.

قال ابن الهمام الحنفي: ولها كمال مهرها إن كان خلا بها فإن خلوة العنين صحيحة. انتهى.

وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: فإن فسخ قبل الدخول فلا مهر وإن فسخ بعده فعليه المهر المسمى وقيل عليه مهر المثل. انتهى.

أما إن كان العجز عن الوطء لمرض عارض فلا يجوز لك طلب الطلاق بل عليك أن تنتظري زوال ذلك عن زوجك لأن هذا عارض لا مستقر. إلا إذا طال به المرض وتضررت بسبب ذلك فحينئذ يجوز لك طلب الطلاق للضرر.

قال ابن قدامة في المغني: ومن علم أن عجزه عن الوطء لعارض من صغر أو مرض مرجو الزوال لم تضرب له المدة لأن ذلك عارض يزول. انتهى.

وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 130105.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني