الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اللحن في القراءة... أقوال الفقهاء في ذلك

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله كنت في صلاة فقرأ الإمام (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت) - بفتح التاء في الموت- فصححت له ثم بعد الصلاة اعترض علي فقلت إن اللحن إذا أخل بالمعنى فإنه تبديل لكلام الله وهو تعالى القائل (لا مبدل لكلماته) الآية فهل فعلي صحيح؟ أرجو الإجابة مع عرض أقوال أهل العلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن نصيحتك لهذا الإمام فعلٌ تثاب عليه إن شاء الله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم" رواه مسلم، وتصحيح خطأ القارئ من النصيحة لكتاب الله تعالى، ومن النصيحة للقارئ نفسه.
وأما عن حكم صلاة الإمام والمأموم في هذه الحالة، وهي الخطأ في الإعراب في غير الفاتحة، فجمهور العلماء يقولون بصحة صلاتهما، ونظراً لطلبك عرض أقوال العلماء في ذلك فسنعرضها لك باختصار:
أما الحنفية، فالمتقدمون منهم على بطلان صلاة الإمام والمأموم، إذا كان تغيير الإعراب يؤدي إلى معنىً كفري، وذهب المتأخرون إلى صحة الصلاة، لو أدى إلى معنى كفري، لأن أكثر الناس لا يميزون بين وجوه الإعراب، هذا إن كان على سبيل الخطأ، أما إن كان عامداً، فصلاته باطلة قطعاً.
وأما المالكية، فالصلاة عندهم صحيحة مطلقاً، إلا إذا كان عامداً، فصلاته باطلة، ولكنهم يشترطون في غير العامد أربعة شروط لصحة صلاته، وهي:
1- أن يكون عاجزاً عن التعلم لضيق الوقت.
2- ألا يجد معلماً يعلمه.
3- ألا يوجد غيره يؤم الناس.
4- أن يكون المأموم مثله، أو أقل منه في العلم بالقراءة.
فإن تخلف شرط من هذه الشروط، فصلاته باطلة.
وإنما قالوا بصحة صلاة المخطئ دون العامد، لأن القارئ المخطئ لا يقصد ما يقتضيه اللحن، بل يعتقد بقراءته ما يعتقد بها من لا يلحن فيها.
وأما الشافعية، فالصلاة عندهم صحيحة، ولو كان لحنه يُغير المعنى، هذا إذا كان غير قادرٍ على التعلم أو كان مخطئاً، أما إذا قدر على التعلم أو تعمد اللحن فصلاته باطلة.
قال في روضة الطالب: فإن لحن في غير ذلك لحناً يغير المعنى، كقوله: (أن الله بريء من المشركين ورسوله) بجر اللام، فإن كان قادراً عامداً بطلت صلاته، وإلا فتصح صلاته والقدوة به، لأن ترك السورة جائز. ا.هـ.
وأما الحنابلة، فالصلاة عندهم صحيحة أيضاً، إن كان الإمام مخطئاً، أما إذا تعمد فصلاته باطلة هو ومن اقتدى به.
قال ابن قدامة: فإن أحال المعنى في غير الفاتحة، لم يمنع صحة الصلاة ولا الائتمام به، إلا أن يتعمده فتبطل صلاتهما. ا.هـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني