الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشروعية هجر المجاهرين بالمعاصي والمنكرات

السؤال

ما حكم موادة من تشك بكفره؟ وما حكم موادة أصحاب الفرق الضالة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد تقرر في الشريعة أن من ثبت إسلامه بيقين، لا يزول إسلامه بالشك، وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، والحكم بردة شخص ليس بالأمر الهين، فلا بد أولا من أن يكون الشخص قد فعل ما يوجب ردته، ولا بد ثانيا من إقامة الحجة عليه وتوفر شروط التكفير وانتفاء موانعه، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات التالية أرقامها: 8106، 122556، 119321.

وعلى ذلك، فالشك لا ينفي حكم الأصل، فإذا شك المرء في ردة شخص ما فشكه هذا لا يُعمل به، ولا يلغي حقوقه كمسلم، حتى تثبت ردته بطريق شرعي ـ كحكم قاض ـ أو شهادة ثقات أهل العلم، أو استفاضة مزيلة للشك، فإذا ثبتت الردة يقينا، فالمرتد من أعداء الله تعالى، وعلى الحاكم أن يقيم عليه حد الردة إن لم يتب منها، وعلى افتراض أن الحاكم لم يقمه عليه، فإنه يجب أن يهجر ويعادى إظهارا لبغضه في الله وإعلانا للنكير عليه، ولا تجوز مصاحبته ولا موادته، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 122087، 11768، 37086.

وكذلك أهل الفرق الضالة، إن دُعوا إلى الحق فأصروا على ضلالتهم، لم تجز موادتهم، ويشرع هجرهم، وقد يجب إن تعين وسيلة لإصلاحهم، كما سبق التنبيه عليه في الفتوى رقم: 21242.

وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى مشروعية هجر المجاهرين بالمعاصي والمنكرات أو البدع والأهواء لحق الله تعالى على سبيل الزجر والتأديب. اهـ.

ومما يدل لذلك ما رواه نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ فَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فَلَا تُقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ. رواه الترمذي وقال: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، وابن ماجه، وحسنه الألباني.

قال القاري في مرقاة المفاتيح: قال ابن حجر: لا تقرئه مني السلام ـ لأنا أمرنا بمهاجرة أهل البدع، ومن ثم قال العلماء: لا يجب رد سلام الفاسق والمبتدع، بل لا يسن، زجراً لهما، ومن ثم جاز هجرهم لذلك. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني