الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التسوية بين الأولاد الذين ولدوا بعد الهبة وبين إخوتهم الكبار

السؤال

اشترت أم لابنتيها قطعتين ذهبيتين، كل بنت قطعة، وبعد أن كبروا وجدت أن الابنتين الأخريين لم يشتر لهما أبوهما مثل أختيهما، وهي تريد أن تعدل بين البنات، ولكن لا تملك الآن نقودا لتشتري ذهبا لهما مثل أختيهما، هذا بالإضافه إلى أنها لم تشتر لأخيهم ذهبا على اعتبار أنه ولد، ولم تعطه نقود مثلاً بدلاً عن الذهب. والآن هي لا تعرف ما هو التصرف الشرعي السليم تجاه البنات والولد، فأفيدونا وجزاكم الله خيراً.. أرجو الاهتمام بالسؤال وأتمنى ألا أجد عبارة (لا يوجد سؤال بهذا الرقم)؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أمر الشرع بالعدل بين الأولاد، ونهى عن التفضيل بينهم في العطايا والهبات، لكن إذا اختلفت أحوال الأولاد فاقتضى حال بعضهم تفضيله لحاجته وليس لمجرد التفضيل والمحاباة فلا حرج في ذلك، والراجح عندنا أن العدل واجب بين الأولاد وأنه يكون بإعطاء الذكر مثل الأنثى، وانظري لذلك الفتوى رقم: 6242، والأم كالأب في وجوب العدل بين الأولاد، قال ابن قدامة: والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب. المغني.

فإذا كان الذهب الذي أعطته الأم للبنتين بقدر حاجتهما للتحلي فالواجب عليها أن تسوي بين بناتها في ذلك، ولا يجب تسوية الذكور في ذلك لعدم حاجتهم للحلي، أما إذا كان تخصيص هذه الأم للبنتين بالذهب زائداً عن القدر المتعارف عليه في حاجة البنت للحلي، فالواجب عليها أن تسوي بين أولادها ذكورهم وإناثهم، قال ابن تيمية في الاختيارات الفقهية: ... فإن زاد على المعروف فهو من باب النحل ولو كان أحدهما محتاجاً دون الآخر أنفق عليه قدر كفايته، وأما الزيادة فمن النحل.

والتسوية تكون إما بأن تشتري للباقين مثل ما أعطته للبنتين، أو ترد الذهب الذي أعطته للبنتين وتقسمه على جميع الأولاد بالسوية، قال ابن قدامة: فإن خص بعضهم بعطيته أو فاضل بينهم فيها أثم ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين؛ إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر.

ولا يختلف الحكم في ذلك إذا كان البنتان الصغيرتان قد ولدتا بعد هبة الأم للكبيرتين، قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد: أحب أن لا يقسم ماله ويدعه على فرائض الله تعالى لعله أن يولد له، فإن أعطى ولده ماله ثم ولد له ولد فأعجب إلى أن يرجع فيسوي بينهم يعني يرجع في الجميع أو يرجع في بعض ما أعطى كل واحد منهم ليدفعوه إلى هذا الولد الحادث ليساوي إخوته. انتهى.

وقال البهوتي في كشاف القناع: (ولا يكره) للإنسان (قسم ماله بين وراثه) على فرائض الله تعالى (ولو أمكن أن يولد له) لأنها قسمة ليس فيها جور فجازت في جميع ماله كبعضه (فإن حدث له وارث) بعد قسم ماله (سوى بينه وبينهم) بما تقدم (وجوباً) ليحصل التعديل. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني