الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

درجة حديث (..الأنبياء كلهم يدخلون الجنة قبل سليمان..)

السؤال

هل يصح هذا الحديث و هل يحتج به: الأنبياء كلهم يدخلون الجنة قبل سليمان بن داود عليه السلام بأربعين عاما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا الحديث رواه الطبراني في معجميه الكبير والأوسط: حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا إبراهيم بن هارون بن المغيرة الرازي حدثنا أبي حدثنا عمرو بن أبي قيس عن شعيب بن خالد عن الزهري عن عبد الرحمن بن غنم قال: استعمل عمر بن الخطاب على الشام معاذ بن جبل فكتب إليه أن اعط الناس أعطياتهم واغز بهم، فبينا هو يعطي الناس وذلك في آخر النهار جاء رجل من أهل الرستاق فقال: يا معاذ مر لي بعطائي فإني رجل من أهل الرستاق من مكان كذا وكذا، فلعلي آوي إلى أهلي قبل الليل قال: لا والله لا أعطيك حتى أعطي هؤلاء ـ يعني أهل المدينة ـ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الأنبياء كلهم يدخلون الجنة قبل سليمان بن داود بأربعين عاما، وإن فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين عاما، وإن صالح العبيد يدخلون الجنة قبل الآخرين بأربعين عاما، وإن أهل المدن يدخلون الجنة قبل أهل الرستاق بأربعين عاما؛ بفضل المدائن والجماعات والجمعات وحلق الذكر، وإذا كان بلاء خصوا به دونهم.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا شعيب ولا رواه عن شعيب إلا عمرو ولا رواه عن عمرو إلا هارون، ولا يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد اهـ.

ولم يعزه العراقي في تخريج (الإحياء) إلا للطبراني، وقال عن شعيب بن خالد الذي تفرد به عن الزهري: وهو كوفي ثقة اهـ.

وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد): رواه الطبراني عن شيخه علي بن سعيد الرازي وهو لين، وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف هـ.

وقال في موضع آخر: فيه علي بن سعيد بن بشير، قال الدارقطني: ليس بذاك تفرد بأشياء. وقال ابن يونس: كان يفهم ويحفظ. وقال الذهبي: حافظ رحال. وبقية رجاله ثقات اهـ.

وإبراهيم بن هارون بن المغيرة لم نجد من وثقه، ولا من ترجمه إلا ابن أبي حاتم فذكره في (الجرح والتعديل) وقال: روى عن أبيه، روى عنه أبي ، وعلى بن الحسين بن الجنيد، وحماد بن عمرو النصيبي اهـ. وعمرو بن أبي قيس قال عنه الحافظ في (التقريب): صدوق له أوهام اهـ.

ومثل هذا الإسناد أقرب إلى الضعف منه إلى الحسن، ولجملة الفقراء منه شاهد عند مسلم بلفظ: إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفا. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 6739.

وأما بخصوص نبي الله سليمان عليه السلام، فقد قال القرطبي عند قوله تعالى: هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ {ص:39،40} قال الحسن: ما من أحد إلا ولله عليه تبعة في نعمه غير سليمان بن داود عليه السلام فإنه قال: (هذا عطاؤنا .. ) الآية. قلت: وهذا يرد ما روي في الخبر: إن آخر الأنبياء دخولا الجنة سليمان بن داود عليه السلام لمكان ملكه في الدنيا. وفى بعض الأخبار: يدخل الجنة بعد الأنبياء بأربعين خريفا. ذكره صاحب القوت، وهو حديث لا أصل له، لأنه سبحانه إذا كان عطاؤه لا تبعة فيه لأنه من طريق المنة، فكيف يكون آخر الأنبياء دخولا الجنة، وهو سبحانه يقول: (وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب) اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني