الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قبول هبة الصبي غير البالغ

السؤال

رجل ومعه ولدان صغيران دون سن البلوغ كانوا يأتون إلى مسجدنا في رمضان، ويجلب معه لبناً لكي يفطر عليه الصائمون، وفي العشرين من رمضان مات هذا الرجل، واتبع سنّته هذه بجلب اللبن ولداه غير البالغين، السؤال: هل يجوز للمسلم أن يشرب من هذا اللبن؟ علماً بأن هذا الرجل ترك خلفه بنت بالغة وولدان ذكور غير بالغين؟ وهل يعدّ شرب اللبن في هذه الحالة أكلاً لأموال اليتامى ظلماً؟ وإذا لم يجز الشرب فإن الولدين يشعران بالخجل ويتأثران نفسياً أننا لماذا لم نشرب؟ ما الحل لمثل هذه المسألة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالبلوغ شرط من شروط صحة التبرع، فخرج بذلك الصبي فلا يصح تبرعه، قال محمد عليش في منح الجليل ممزوجاً بمختصر خليل المالكي: (ممن) أي كل شخص (له تبرع بها) أي الذات الموهوبة فلا تصح من صبي ولا مجنون ولا سفيه. انتهى.

وقال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وظاهره: أن هبة الصبي لا تصح، ولو كان مميزاً، وهو صحيح وهو المذهب نص عليه. وعليه الأصحاب. انتهى. وقال الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: لأن الهبة تبرع فلا يملكها من لا يملك التبرع فلا تجوز هبة الصبي والمجنون لأنهما لا يملكان التبرع لكونه ضرراً محضاً لا يقابله نفع دنيوي فلا يملكها الصبي والمجنون. انتهى.

وفي الغرر البهية شرح البهجة الوردية لزكريا الأنصاري الشافعي: قوله: الأهل للتبرع، قال: الشارح فخرج بذلك الصبي والمجنون والمحجور عليه بسفه. انتهى..

وبناء على ما تقدم فإن كان الولدان المذكوران غير بالغين فلا تصح هبتهما، وبالتالي فلا يجوز شرب اللبن المذكور لما فيه من أكل مال اليتيم بغير وجه شرعي، وشعور الولدين المذكورين بالخجل من الامتناع عن شرب اللبن لا يبيح تناوله لحرمة أكل مال اليتيم وثبوت الوعيد الشديد في تناوله بغير حق، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 8423.

وينبغي أن ينصح هذان الولدان برفق ولين بالكف عن تقديم اللبن المذكور لعدم صحة تصرفهما فيه، ولا بأس أن يبين لهما الحكم الشرعي في تصرفات الصغير وأنه لا ينبغي لهما التأثر إذا امتنعت جماعة المسجد عن تناوله، فإن مراعاة حدود الله أولى من مراعاة أي شيء آخر... لكن إن كان هذا اللبن زائداً عن حاجة أهله وتعذرت صيانته عن الضياع ولم يمكن الانتفاع به أو حفظه بأي وجه من وجوه الانتفاع والحفظ، وكان الولدان سيقومان بإراقته إذا رجع إليهما، ففي هذه الحالة يجوز لجماعة المسجد الانتفاع به لأن ذلك أولى من إراقته؛ ولأنه لم يعد متمولاً في تلك الحالة، وهذا الاحتمال بعيد الوقوع، لكن لاحتمال الوقوع بينا حكمه.

وراجع للمزيد من الفائدة الفتوى رقم: 74985.

وننبه إلى البلوغ له علامات غير السن وهما الاحتلام ونبات الشعر الخشن حول العانة فأي هاتين العلامتين حصل قبل بلوغه السن فقد بلغ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني